الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقيق) وهو داخل حصنه في خيبر .. ففي داخل ذلك الحصن أكثر من سلَّام .. وأكثر من خيانة .. لذلك قرر صلى الله عليه وسلم.
غزو خيبر
وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من عودته من غزوة ذي قرد .. يقول سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه في نهاية حديثه عن سباقه مع ذلك الأنصاري: (فسبقته إلى المدينة. فوالله، ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)(1).
وقبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم دعا صحابيًا جليلًا يدعى سباع بن عرفطة فأمره بالبقاء في المدينة، ثم توجه إلى (خيبر وقد استخلف سباع بن عرفطة على المدينة) (2) وجعله أميرًا عليها ثم سار إلى خيبر .. وفي الطريق خيم الليل وانتشرت نجومه .. فأيقظ ذلك المناخ المخملي شجون أحد الصحابة .. وحرك مشاعره .. فالتفت إلى عم سلمة بن الأكوع واسمه: عامر .. وكان داخل عامر رضي الله عنه من الأجواء ما يوازي ذلك المناخ .. وما يشبع حاجة ذلك الصحابي ويطربه .. فقد كان عامر شاعرًا .. وكان عذب الصوت أيضًا .. فطلب منه أن يتغنى بأبيات ومشاعر .. يقول سلمة رضي الله عنه:
(خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر .. فتسيرنا ليلًا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع:
ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلًا شاعرًا، فنزل يحدو بالقوم "فجعل عمي عامر يرتجز" بالقوم يقول:
(1) حديث صحيح رواه مسلم وهو جزء من الحديث السابق عند مسلم (1807).
(2)
سنده قوي وسيأتي بعد الحديث التالي.
اللَّهم لولا أنت ما اهتدينا .... ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا .... وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا .... إنا إذا صيح بنا أتينا
"والمشركون قد بغوا علينا" .... وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا السائق؟ قالوا: عامر.
قال: يرحمه الله "غفر لك ربك .. قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد. فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل: يا نبي الله .. لولا ما متعتنا بعامر" فقال رجل من القوم: وجبت يا رسول الله .. لولا أمتعتنا به) (1).
يا لها من ليلة .. تغنى فيها عامر وحرك مشاعر الصحابة .. وشد حداؤه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأل عنه .. فدعا له بالمغفرة والرحمة .. وبشره بالشهادة .. فتمنى عمر بقاءه بينهم ..
مشهد عذب يقدمه صلى الله عليه وسلم للمتنطعين .. لم يكن الشعر حميمًا في طريق خيبر فحسب .. فالشعر في كل مكان تتحرك فيه المشاعر .. ولئن تحركت مشاعر عامر وهو في طريقه إلى خيبر .. فلقد تحركت مشاعر عبقري الإِسلام وذاكرته وهو في طريقه إلى المدينة .. إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. العلم يمان .. وهذا اليماني العظيم .. المتعطش للنبي صلى الله عليه وسلم .. المتعطش للعلم .. في طريقه للمدينة.
(1) حديث صحيح رواه مسلم (1802) والزوائد للبخاري .. والشطر الزائد لمسلم.