الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحرم معه بقية الصحابة رضي الله عنهم إلا صحابيًا واحدًا.
اسمه: الحارث بن ربعي ويعرف بـ"أبي قتادة" رضي الله عنه .. في هذه الأثناء انطلق أحد الصحابة رضي الله عنهم مسرعًا نحو مكة لأداء العمرة وشيء آخر .. فقد صدر:
أمر النبي صلى الله عليه وسلم برصد تحركات قريش
وقد اختار صلى الله عليه وسلم لهذه المهمة رجلًا مناسبًا اسمه: بشر بن سفيان الكعبي الخزاعي .. فخزاعة وكعب قبيلة واحدة .. يقول أحد الصحابة رضي الله عنهم: (فلما أتى ذا الحليفة، قلد الهدي وأشعره، وأحرم منها بالعمرة، وبعث عينًا له من خزاعة، وسار النبي صلى الله عليه وسلم)(1) وسار بشر يرصد تحركات قريش ويجمع أخبارها ..
أما أبو قتادة فلم يأمره صلى الله عليه وسلم بالإحرام .. لكنه أمره بمهمتين:
مهمتان لأبى قتادة
الأولى: جمع زكاة بعض المسلمين في الجوار لتوزيعها على من يستحقونها.
الثانية: التصدي لسرية معادية من المشركين في مكان بين المدينة ومكة، ويبدو أنه قريب من ساحل البحر الأحمر ويسمى هذا المكان:(غيقة).
انطلق أبو قتادة ومن معه ينفذون أوامر نبيهم صلى الله عليه وسلم .. وفي الطريق رأى هؤلاء الصحابة شيئًا لا يقدر على نيله إلا أبو قتادة أما هم فلا يجوز لهم ذلك بل اكتفوا بتبادل الابتسامات والضحكات .. فماذا فعل أبو قتادة ولماذا يضحك أصحابه؟ أبو قتادة رضي الله عنه يقول:
(1) حديث صحيح رواه البخاري (4178)(4179).
(انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم)(1) وكان سبب عدم إحرام أبي قتادة هو ما يقوله أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة الأنصاري على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمين حتى نزلوا بعسفان)(2) لكن خبرًا وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم جعله يوجه أبا قتادة إلى مكان يقال له: (غيقة) حيث تتواجد هناك قوة من المشركين تستعد للانقضاض على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهى قريبة من ساحل البحر الأحمر بين مكة والمدينة.
يقول أبو قتادة رضي الله عنه: (انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم، فأُنبئنا بعدوٍ "بغيقة" فتوجهنا نحوهم)(3)(فقال صلى الله عليه وسلم: خذوا ساحل البحر حتى نلتقى. فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم)(4) وقد تركوا (النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة)(5) وهو مكان بين مكة والمدينة .. (فبينما هم يسيرون إذ رأوا حُمرُ وحش)(6)(فلما رأوه تركوه)(7)(فجعل بعضهم يضحك إلى بعض)(8).
(وأنا مشغول أخصف نعلي، فلم يؤذنوني به وأحبوا لو أني أبصرته
(1) حديث صحيح رواه البخاري (1822).
(2)
رواه البزار وابن حبان من طريق عبد الأعلي بن عبد الأعلى عن عبيد الله بن عمر عن عياض بن عبد الله بن سعد، عن أبي سعيد .. (2/ 18 - زوائد) (9/ 289): عياض تابعى ثقة -التقريب (2/ 96) وعبيد الله مثله وتلميذه ثقة كذلك- التقريب (1/ 465).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (1822).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (1824).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (1823).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (1824).
(7)
حديث صحيح رواه البخاري (2854).
(8)
حديث صحيح رواه البخاري (1822).
فالتفت فأبصرته) (1) (وأنا رجل حلٌّ على فرسي، وكنت رقاءً على الجبال، فبينا أنا على ذلك إذ رأيت الناس متشوقين لشيء، فذهبت انظر، فإذا هو حمار وحش، فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: لا ندري.
قلت: هو حمارٌ وحشيٌ.
فقالوا: هو ما رأيت) (2)(واستعنت بهم، فأبوا أن يعينوني)(3).
فض أبو قتادة رضي الله عنه (فركب فرسًا يقال له: الجرادة)(4).
يقول أبو قتادة: (فقمت إلى الفرس فأسرجته، ثم ركبت، ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح. فقالوا: لا، والله لا نعينك عليه بشيء، فغضبت، فنزلت، فأخذتهما، ثم ركبت، فشددت على الحمار، فعقرته)(5)(فأتيت إليهم فقلت: قوموا فاحتملوه. قالوا: لا نمسه. فحملته حتى جئتهم به، فأبى بعضهم، وأكل بعضهم. فقلت: أنا أستوقف لكم النبي صلى الله عليه وسلم)(6) (فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم، أرفع فرسي شأوًا وأسير شأوًا، فلقيت رجلًا من بني غفار في جوف الليل.
قلت: أين تركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: تركته بـ: تعهن (7) وهو قائل السقيا (8).
(1) حديث صحيح رواه البخاري (5407).
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (5492).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (1821).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (2854).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (5407).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (5492).
(7)
مكان بين مكة والمدينة.
(8)
أي أنه سيقيل في مكان يقال له السقيا.
فقلت: يا رسول الله، إن أهلك "أصحابك" يقرؤون عليك السلام، ورحمة الله، إنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك فانتظرهم "ففعل"(1).
قلت: يا رسول الله، أصبت حمارًا وحشيًا، وعندي منه فاضلة، فقال للقوم: كلوا -وهم محرمون-) (2) لأنهم لم يشاركوا في صيده .. وشارك صلى الله عليه وسلم أصحابه في تلك الأكلة .. حيث يقول أبو قتادة رضي الله عنه: (وخبأت العضد معي، فأدركنا النبي صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن ذلك، فقال: معكم منه شيء؟ فقلت: نعم.
فناولته العضد فأكلها حتى نفدها وهو محرم) (3) ثم مكث صلى الله عليه وسلم وأصحابه بانتظار أصحاب أبي قتادة الذين كانوا يسيرون ويتساءلون (أنأكل لحم صيد ونحن محرمون)(4) لقد (أكلوا، فندموا، فلما أدركوه)(5) صلى الله عليه وسلم سألوه فقال صلى الله عليه وسلم: (أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ قالوا: لا. قال: فكلوا ما بقي من لحمها)(6). (كلوا فهو طعم أطعمكموه الله)(7) فأكل الصحابة واطمأنت قلوبهم بالحلال .. ثم واصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير نحو مكة لأداء العمرة في بيت الله الحرام .. حتى وصلوا إلى مكان يقال له: عسفان .. عندها قرر النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) ما بين الأقواس الصغيرة عند البخاري (1822).
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (1221).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (2570).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (1824).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (2854).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (1824).
(7)
حديث صحيح رواه البخاري (5492).