الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غشيته بالرمح قال: إني مسلم فظننت أنه متعوذ .. فقتلته .. فقال: هلا شققت عن قلبه حتى يستبين لك؟ قال ويستبين لي يا رسول الله؟ قال: قد قال لك بلسانه فلم تصدقه على ما في قلبه.
فمات الرجل فدفناه فأصبح على وجه الأرض فأمرنا غلماننا فحرسوه فأصبح على وجه الأرض .. فقلنا: غفلوا .. فحرسناه .. فأصبح على وجه الأرض .. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال: أما إنها تقبل من هو شر منه .. ولكن الله أراد أن يعلمكم تعظيم الدم .. ثم قال: اذهبوا به إلى سفح هذا الجبل فانضدوا عليه من الحجارة ففعلنا" (1).
وهذه سرية أخرى يأذن صلى الله عليه وسلم لحبه أسامة بن زيد بالانضمام إليها بعد بلوغه .. لكن حماس أسامة والشباب المتقد تحت ثيابه جعله يتمادى في إعطاء فروسيته ما ليس لها .. فكانت زلة عمره التي لم يستطع نسيانها طوال حياته .. وندمه الذي لم يقو على الهروب منه.
في سرية الحرقات أسامة يقتل رجلًا يقول لا إله إلا الله
ولما عاد إلى المدينة أحس بتأنيب الضمير وزاحم أنفاسه شعور بالذنب .. ولم يكن له ملاذ سوى النبي صلى الله عليه وسلم يبوح له بما في نفسه ويصحح به سلوكه ذلك إن كان مخطئًا .. يقول رضي الله عنه:
(1) سنده صحيح رواه الطبراني في المعجم الكبير 18 - 226 حدثنا بشر بن موسى ثنا محمَّد ابن سعيد الأصبهاني ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن السميط بن سمير عن عمران بن حصين .. السميط تابعى صدوق من رجال مسلم .. التقريب 1 - 334 وتلميذه تابعي ثقة .. التقريب 1 - 384 وحفص ثقة فقيه من رجال الشيخين .. التقريب 1 - 189 ومحمَّد بن سعيد الملقب بـ (حمدان) ثقة ثبت من رجال البخاري .. التقريب 2 - 164 أما شيخ الطبراني فهو ثقة نبيل انظر البلغة (111) والحديث شاهد لما سبق.
"بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلًا فقال: لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك .. فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفًا من السلاح .. قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"(1) لهول ما ارتكبه على نفسه ..
أسامة هو حبيب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحمله بين يديه إلى المسجد
.. أسامة الذي كان صلى الله عليه وسلم يطهر جرحه بفمه العطر .. ويوصى به عائشة رضي الله عنها قائلًا "يا عائشة أحبيه فإني أحبه"(2) أسامة الذي يتحدث بنفسه عن مساحته داخل النبي صلى الله عليه وسلم فيقول "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول اللَّهم ارحمهما فإني أرحمهما"(3) .. كل هذا الحب لا يبرر لأسامة ذلك الخطأ ولا يمنحه حق التحدث عن أسرار القلوب والنوايا .. فالمتحدث الرسمي لجميع القلوب هو الوحي والوحي فقط .. فإذا لم يكن ثم وحي فالقلب هو ما أمامك لا ما تسافر بك الظنون إليه .. ها هو أحد الصحابة واسمه عتبان بن مالك يعاني من أمرين .. الأول مرض يكبل جسده عن الوصول إلى المسجد .. والأمر الآخر: رجل كثرت مضايقته للصحابة لدرجة جزم بها بعضهم أنه من المنافقين .. فكان لا بد من تسليم هذه الحيرة الغامضة بثقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فماذا فعل عتبان وماذا فعل أصحابه الذين يتمنون؟
(1) صحيح مسلم 1 - 96.
(2)
حديثٌ حسنٌ مر معنا انظر صحيح الترمذيُّ للإمام الألباني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته 4098.
(3)
صحيح البخارى 5 - 2236.