الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبث قليلًا فيشهد الهيجا حمل
…
لا بأس بالموت إذا حان
فقالت أم سعد:
الحق يا بني .. فقد والله أخّرت، فقالت عائشة: يا أم سعد، لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي، فخافت عليه) (1).
هل أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه
أجل .. لقد أصابه سهم في ذراعه رماه مشرك يدعى: حبان بن العرقة .. وهو يرتجز هذه الأبيات المليئة بالحماس والموت .. والتي ربما قالها رجل سابق اسمه: حمل.
سعد بن معاذ .. هذا الفارس العظيم .. والمؤمن النقي .. الذي لا يخشى في الله أحدًا .. والذي دافع عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم أثناء إشاعة الإفك .. هذا الصحابي الجليل .. أصيب بسهم في ذراعه .. وقد نزف دمًا كثيرًا وحالته خطيرة .. والوضع أخطر .. اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرجل الكريم .. أمر بحمله ومحاولة علاجه .. وصنع قبّة له داخل المسجد النبوي كي يزوره أهله وأصحابه .. ويكون تحت سمع النبي صلى الله عليه وسلم وبصره .. لكن سعدًا كان جمالًا .. كان فداءً حتى وهو ينزف .. كان محملًا بالأحلام والانتصارات والأماني ..
أمنية سعد بن معاذ قبل أن يموت
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق، ومن طريقه البيهقي (3/ 240) حدثنا عبد الله بن سهل، عن عائشة: أنها كانت .. وعبد الله بن سهل هو أبو ليلى المدني، تابعي ثقة من رجال البخاري ومسلمٌ، وقد قال الإمام البخاري: عبد الله بن سهل سمع من عائشة- التهذيب (12/ 215) والتقريب (2/ 467).
تقول عائشة رضي الله عنها: (أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له: حبان بن العرقة- وهو حبان بن قيس من بني معيص بن عامر بن لؤي، رماه في الأكحل (1)، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب) (2).
وتقول رضي الله عنها: (خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض ورائي -يعني حس الأرض- فالتفتّ فإذا سعد بن معاذ ومع ابن أخيه الحارث بن أوس، يحمل مجنة، فجلست إلى الأرض، فمر سعد وعليه درع من حديد، قد خرجت منها أطرافه، فأنا أتخوّف على أطراف سعد- وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم وهو يرتجز ويقول:
ليت قليلًا يدرك الهيجا حمل
…
ما أحسن الموت إذا حان
"قالت: فقمت، فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر من المسلمين، وإذا فيهم عمر بن الخطاب، وفيهم رجل عليه سبغة له، يعني مغفرًا، فقال عمر: ما جاء بك .. لعمري والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون بلاء، أو يكون تحوز ..
قالت: فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقتّ لي ساعتئذٍ فدخلت فيها، فرفع الرجل السبغة عن وجهه، فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: يا عمر .. ويحك، إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوّز أو الفرار إلَّا إلى الله عز وجل".
قالت: ويرمي سعدًا رجلٌ من المشركين من قريش يقال له: ابن العرقة بسهم له، فقال: خذها وأنا ابن العرقة، فأصاب أكحله، فقطعه
(1) عرق في الذراع.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (4122).