الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: أبو بكر.
قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك "لكافأتك بها، ولكن هذه بها ثم تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديد" وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة واقف على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف (1)، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم "قبل والله لا تصل إليك قال: ويحك ما أفظك وأغلظك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا "يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك". المغيرة بن شعبة.
فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟ "هل غسلت سوأتك إلا بالأمس"، وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الإسلام فأقبل. وأما المال فلست منه في شيء".
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، "فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما كلم به أصحابه، فأخبره أنه لم يأت يريد حربًا، فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه") (2).
عروة منبهر باحترام الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم
يكاد لا يصدق ما يرى .. لكنها الحقيقة شاخصة أمام عينيه .. أخذته
(1) حديدة بأسفل جفن السيف.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (2731) وأحمدُ (4/ 324) والزوائد له.
الدهشة إلى قريش فحدثهم عن إجلال لم يحض به أعظم ملكين على وجه الأرض .. كسرى وقيصر .. ها هو عروة يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، (فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءًا إلا ابتدروه "كادوا يقتتلون على وضوئه" ولا يبسق بساقًا إلا ابتدروه "إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده" ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه "وإذا أمرهم ابتدروا أمره""وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدون إليه النظر تعظيمًا له" فرجع إلى قريش، فقال: يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه، وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت ملكًا قط مثل محمد في أصحابه.
"والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها".
ولقده رأيت قومًا لا يسلمونه لشيء أبدًا فروا رأيكم) (1).
(فقال رجل من بني كنانة "الحليس بن علقمة الكناني وهو يومئذٍ سيد الأحابش": دعوني آته.
فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن (2)، فابعثوها له "ابعثوا الهدي في وجهه".
فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك "الهدي يسيل
(1) حديث صحيح رواه أحمد (4/ 324) والبخاريُّ (2731) والزوائد لفظ البخاري.
(2)
ما يذبح لله في العمرة أو الحج من الإبل أو البقر.