الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا هزال لو سترته بثوبك
ها هو ابن هزال .. حدثنا يا نعيم ما هو ذلك الشيء الذي تمنى صلى الله عليه وسلم لو ستره والدك بثوبه .. أو من هو؟
قال نعيم رضي الله عنه: (كان ماعز بن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي:
ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك - وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه، فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم عليّ كتاب الله "يا رسول الله طهّرني. فقال: ويحك ارجع، فاستغفر الله وتب إليه.
فرجح غير بعيد ثم جاء، فقال: يا رسول طهّرني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك ارجع، فاستغفر الله وتب إليه.
فرجح غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهّرني.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ": إنك قد قلتها أربع مرات، فيمن؟ قال: بفلانة. "فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون. فقال: أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه (1)، فلم يجد منه ريح خمر".
قال صلى الله عليه وسلم: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: هل باشرتها؟ قال: نعم. قال: هل جامعتها؟ قال: نعم [قال صلى الله عليه وسلم: فهل أحصنت؟ (2) قال: نعم] فأمر
(1) أي شمه.
(2)
بالزواج.
به أن يرجم، فلما رجم، فوجد مسّ الحجارة جزع، فخرج يشتدّ (1)"واشتددنا خلفه" فلقيه عبد الله بن أنيس وقد أعجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعير (2) فرماه به، فقتله، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له.
فقال: هلَّا تركتموه، لعله يتوب، فيتوب الله عليه. "فكان الناس فيه فرقتين:
قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته.
وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، إنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجارة.
فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس، فسلّم، ثم جلس، فقال:
استغفروا لماعز بن مالك، فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم") (3).
لله حدود يجب تنفيذها .. دون مجاملة أو مداهنة .. وللنبي صلى الله عليه وسلم حدود لا يستطيع تجاوزها .. فتح صلى الله عليه وسلم لماعز أكثر من عشرة أبواب .. أشرعها ليهرب منها .. لكنه أصرّ على تنفيذ حدّ الله فيه .. فعل صلى الله عليه وسلم ما
(1) يركض هاربًا.
(2)
عظم الساق أو الذراع.
(3)
سنده صحيح رواه أحمد (5/ 217) وأبو داود (4419) وما بين الأقواس لمسلم، وما بين المعقوفين للبخاري .. وسند أحمد وأبي داود هو: حدثنا وكيع حدثنا هشام بن سعد أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: ونعيم صحابيّ وابنه قال عنه الحافظ: مقبول والصواب أن يقول: صدوق فقد وثقه العجلي توثيقًا لفظيًا فقال: ثقة، وهو من رجال مسلم .. ولا أدري لماذا ضعف الإمام الألباني كلمة لعله أن يتوب .. وهي من هذا السند.
يمكنه أن يفعله لماعز .. ثم نفذ حكم الله فيه .. ومازال في صدر النبي صلى الله عليه وسلم لماعز الكثير الكثير .. توجّه صلى الله عليه وسلم بحديثه نحو الرجل الذي أشار على ماعز بالاعتراف .. فهل شكره على فعله ذلك .. الإجابة رحمةً كالعادة .. فما محمَّد صلى الله عليه وسلم إلَّا رحمة مهداة .. التفت صلى الله عليه وسلم بحديثه إلى هزال معاتبًا وقال له كلمة كالحزن: (يا هزال لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا مما صنعت به)(1)(لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا لك)(2)، لم يقل صلى الله عليه وسلم: لكان خيرًا لماعز رضي الله عنه .. بل قال: خيرًا لك أنت يا هزال .. أنت أيها المبلغ .. ولك أنت أيضًا أيها المتلذّذ بفضح المستترين .. بدعوى الغضب لله ورسوله .. ومن أراد أن يمنح لنفسه حق اختراق جدران الآخرين وحريتهم المستورة.، فإن عمر ابن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما يقدمان له درسًا متحضرًا .. يقول:(عبد الرحمن بن عوف: أنه حرس ليلة مع عمر بن الخطاب، فبينما هم يمشون، شب لهم سراج في بيت، فانطلقوا يؤمونه، حتى إذا دنوا منه، إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر - وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف: أتدري بيت من هذا؟ قلت: لا قال: "هذا بيت" ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى؟ قال عبد الرحمن بن عوف: أرى أنا قد أتينا ما نهنا الله "عنه قال الله تعالى": {وَلَا تجَسَّسُواْ}. فقد تجسسنا، فانصرف عنهم عمر وتركهم)(3) لكن كم هو حجم ذلك
(1) سنده صحيح رواه أحمد (5/ 217) وأبو داود (4419) وهو الحديث السابق.
(2)
صحيح الجامع الصغير (2/ 1323).
(3)
سنده صحيح رواه عبد الرزاق (10/ 231) والبيهقيُّ (8/ 333) وابن حبان في الثقات (4/ 267) والحاكم (4/ 419) عن الزهريّ حدثنا زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن المسرر بن مخرمة أخبره أن عبد الرحمن بن عوف أخبره .. وزرارة تابعي ثقة -التقريب (1/ 260) والمسور صحابي رضي الله عنهم جميعًا.