الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما أصاب المسلمين من نكسة ومحنة، وما أصيبوا من خسارة في النفوس، وشهادة من كان قوة للإسلام والمسلمين، وناصرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللدّين، إنّما كان نتيجة زلة للرماة، وعدم تمسّكهم بتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره إلى اللّحظة الأخيرة، وإخلائهم للجبهة التي عيّنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، وهو قوله تعالى:
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 152] .
روائع من الحبّ والفداء:
نزع أبو عبيدة بن الجرّاح إحدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيّته، ونزع الآخرى، فكان ساقط الثنيتين «1» .
وتترّس أبو دجانة بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع النّبل في ظهره وهو منحن عليه، حتّى كثر فيه النبل.
ورمى سعد بن أبي وقّاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويناوله النبيّ صلى الله عليه وسلم النبل ويقول: «ارم فداك أبي وأمّي» «2» .
- المدينة» .
(1)
[أخرج البخاريّ حادثة جرح الرّسول صلى الله عليه وسلم، في كتاب المغازي، باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجرح يوم أحد، برقم (4073) ، ومسلم في كتاب الجهاد، باب اشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1793) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أيضا برقم (1791) في الكتاب والباب نفسه] .
(2)
سيرة ابن هشام: ج 2، ص 80- 82، ورواه البخاري [في كتاب المغازي] في غزوة أحد-
وأصيبت عين قتادة بن النّعمان، حتّى وقعت على وجنته «1» فردّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فكانت أحسن عينيه وأحدّهما «2» .
وقصده المشركون، يريدون ما يأباه الله، فحال دونه نفر نحو عشرة، حتّى قتلوا عن آخرهم، وجالدهم طلحة بن عبيد الله، وترس عليه بيده، يقي بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فأصيبت أنامله وشلّت يده، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هنالك، فلم يستطع لما به من الجراح والضعف، فجلس طلحة تحته، حتى صعدها، وحانت الصلاة، فصلّى بهم جالسا «3» .
ولمّا انهزم الناس، لم ينهزم أنس بن النّضر، عم أنس بن مالك- خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدّم، فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أين يا أبا عمرو؟ فقال أنس: واها لريح الجنّة، يا سعد إني أجدها دون أحد «4» .
- في باب قوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [آل عمران: 122][برقم (4057) و (4058) ، ومسلم في فضائل الصحابة؛ باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، برقم (2411) ] .
(1)
[الوجنة: هي أعلى الخدّ] .
(2)
سيرة ابن هشام: ج 2، ص 82.
(3)
المصدر السابق: ج 2، ص 86، وزاد المعاد: ج 1، ص 350 [وأخرجه الترمذي في أبواب الجهاد، باب ما جاء في الدرع، برقم (1692) ، وفي أبواب المناقب، باب مناقب طلحة، برقم (3739) وقال: حسن غريب، وأحمد في المسند (1/ 165) ، والحاكم في المستدرك (3/ 374) ووافقه الذهبي] .
(4)
زاد المعاد: ج 1، ص 350، وأصل الرواية في الصحيحين [أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة أحد، برقم (4048) ، ومسلم في كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم (1903) ، والترمذي في أبواب تفسير القرآن، سورة السجدة، برقم (3198) ، وفي سورة الأحزاب، برقم (3199) ، وأحمد في المسند (3/ 194) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه] .
وانتهى أنس بن النّضر إلى رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟
قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟، قوموا وموتوا على ما مات عليه رسول الله، ثمّ استقبل القوم، فقاتل حتى قتل.
يقول أنس رضي الله عنه: لقد وجدنا به يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته، عرفته ببنانه «1» .
وقاتل زياد بن السّكن في خمسة من الأنصار دون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلون دونه رجلا ثم رجلا، فقاتل زياد حتّى أثبتته الجراحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أدنوه منّي» فأدنوه، فوسّده قدمه، فمات وخدّه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» .
وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان له أربعة أبناء شباب، يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا توجّه إلى أحد أراد أن يخرج معه، فقال له بنوه: إنّ الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، وقد وضع الله عنك الجهاد.
وأتى عمرو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ بنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، وو الله إنّي لأرجو أن أستشهد، فأطأ بعرجتي هذه في الجنّة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد، وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه، لعلّ الله يرزقه الشهادة، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدا «3» .
(1) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 82.
(2)
المصدر السابق: ج 2، ص 81.
(3)
زاد المعاد: ج 1، ص 353.