الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رمقهم، ويستر عورتهم، يرزحون تحت أثقال الضرائب والإتاوات، ويرسفون في القيود والأغلال، ويعيشون عيش البهائم، حتى ترك كثير من المزارعين أعمالهم، أو دخلوا الأديرة فرارا من الضرائب والخدمة العسكرية «1» وكانوا وقودا حقيرا في حروب طاحنة مدمّرة، قامت في فترات من التاريخ، ودامت سنين طوالا بين المملكة الشرقية الساسانية والمملكة الغربية البيزنطية، لا مصلحة للشعب فيها ولا رغبة «2» .
3- الهند:
أمّا الهند التي برزت في العصر القديم في العلوم الرياضيّة وعلم الفلك والطبّ والتعمّق في الفلسفة، فقد اتّفقت كلمة المؤرّخين لها على أنّ أحطّ أدوارها ديانة، وخلقا، واجتماعا، ذلك العهد الذي يبتدىء من مستهلّ القرن السادس الميلاديّ «3» ، فانتشرت الخلاعة حتّى في المعابد وأصبحت لا عيب فيها، لأنّ الدين قد أضفى عليها لونا من القدس والتعبّد «4» .
وكانت المرأة لا قيمة لها ولا عصمة، وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار «5» ، وإذا مات زوجها صارت كالموءودة لا تتزوج ولا تستحق احتراما، وانتشرت عادة إحراق الأيامى نفوسهن على وفاة أزواجهن، خاصّة في الطبقات الشريفة والأرستقراطيّة إظهارا للوفاء، وفرارا من الشقاء، وتسمّى
(1) إيران في عهد الساسانيين: ص 681.
(2)
راجع الباب الخامس من كتاب «إيران في عهد الساسانيين» (مملكة الشرق ومملكة الغرب) ص 269- 333.
(3)
راجع «الهند القديمة» ج 3، لمؤلفه آرسي، دت) R.C.Dutt (
(4)
ستيارته بركاش لديانند سرسوتي: ص 344.
(5)
اقرأ استهلال قصة مهابهارت (الملحمة الهندية الكبرى) .
هذه العادة ب «ستّي» ولم تزل زوالا كليا إلا بعد الاحتلال الإنجليزيّ «1» .
وامتازت الهند من بين جاراتها وأقطار العالم بالتفاوت الفاحش بين طبقات الشعب، والامتياز بين الإنسان والإنسان، وكان نظاما قاسيا لا هوادة فيه ولا مرونة، مدعما بالدين والعقيدة، خاضعا لمصلحة الآريّين المحتلّين، والبراهمة المحتكرين للديانة والقداسة، قائما على أساس الحرف والصنائع وتوارثها، والعنصرية والسّلالية، وكان ذلك تابعا لقانون مدنيّ سياسيّ دينيّ، وضعه المشرّعون الهنديّون الذين كانت لهم صفة دينية، أصبح القانون العام للمجتمع ودستور الحياة، وهو يقسّم سكان الهند في أربع طبقات:
(1)
طبقة الكهنة ورجال الدين، وهم «البراهمة» .
(2)
ورجال الحرب والجندية وهم «شتري» .
(3)
ورجال الفلاحة والتجارة وهم «ويش» .
(4)
ورجال الخدمة وهم «شودر» وهم أحطّ الطبقات، فقد خلقهم خالق الكون من أرجله، وليس لهم إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث وإراحتها.
وقد منح هذا القانون البراهمة مركزا ومكانة لا يشاركهم فيها أحد، والبرهميّ رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه وأعماله، ولا يجوز فرض جباية عليه، ولا يعاقب بالقتل في حال من الأحوال.
أمّا «شودر» فليس لهم أن يقتنوا مالا، أو يدّخروا كنزا، أو يجالسوا برهميّا، أو يمسّوه بيدهم، أو يتعلّموا الكتب المقدّسة «2» .
(1) اقرأ رحلة الرحالة الفرنسي برنير وتاريخ الراجوات والأمراء في القرون الوسطى.
(2)
راجع للتفصيل القانون المدني الاجتماعي الهندي المسمّى ب «منو شاستر» الأبواب: 1- 2- 8- 9- 10- 11.