الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة بني المصطلق وقصّة الإفك
[غزوة بني المصطلق شعبان 5 هجرية]
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ستّ «1» أنّ بني المصطلق وهم فرع من خزاعة، يجمعون له.. فلما سمع خرج إليهم، وقد خرج معه أكبر عدد من المنافقين، خرج في غزوة «2» ، وعلى رأسهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وقد بلغت سطوة المسلمين أوجها بعد انتصارهم في غزوة الأحزاب التي اجتمعت فيها قريش وحزبت الأحزاب للقضاء على الإسلام، اجتماعا لم تجتمع مثله، فكانت «3» شوكة في حلقوم الكفّار في مكة، واليهود والمنافقين في المدينة وحولها، وعرفوا أنّ المسلمين لن يغلبوا في ساحة القتال بكثرة العدد والعدد، فاعتمدوا أخيرا على إثارة الفتن الداخلية، والتحريش بين المسلمين بإحياء النّعرة القوميّة القبلية، والإساءة إلى مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وتشكيك المسلمين فيه، ونشر المقالة حول عرضه وكرامته، وأحبّ أزواجه إليه، وبذلك يتزلزل كيان هذا المجتمع المثاليّ الوليد، الذي كان كلّ عضو من أعضائه مرآة أخيه، إذا سمع عنه ما يريب عاد إلى نفسه، فرآها نزيهة، فنفى
(1) قدّم موسى بن عقبة غزوة بني المصطلق إلى السنة الرابعة مخالفا معظم كتّاب السيرة الذين يجعلونها في السنة السادسة، وتابعه ابن القيم حيث اشترك سعد بن معاذ بالغزوة، وقد استشهد في أعقاب غزوة بني قريظة، (السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري) .
(2)
جاء في «طبقات ابن سعد» : وخرج معه بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قط مثلها (كتاب الطبقات الكبرى، 2/ 45، القسم الأول، طبع ليدن، 1325 هـ) .
(3)
[فكانت: الضمير فيه راجع إلى سطوة] .
غزوة بني المصطلق شعبان 5 هجرية
هذه التهمة كما ينفيها عن نفسه، ويفقد بعضهم الثقة ببعض، فإذا زالت الثقة بأهل بيت النبوّة، زالت عن الجميع، وكانت أعظم مؤامرة حاكها المنافقون وقد تجلّت هذه السياسة الماكرة في غزوة بني المصطلق أكثر ممّا تجلّت في أيّ غزوة.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق، ولقيهم على ماء لهم، يقال له «المريسيع» «1» من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، وانهزم بنو المصطلق «2» .
واقتتل أجير لعمر بن الخطاب من بني غفار، وحليف للخزرج من جهينة، فصرخ الجهنيّ:«يا معشر الأنصار!» وصرخ الأجير: «يا معشر المهاجرين!» فغضب عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم، فقال: أو قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ليس الأمر إلا كما قيل:«سمّن كلبك يأكلك» أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، ثمّ أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم، لتحوّلوا إلى غير داركم» «3» .
(1) ومن هنا سمّيت هذه الغزوة بغزوة المريسيع أيضا، كما في طبقات ابن سعد وغيرها.
(2)
كانت لغزوة بني المصطلق في المريسيع أهمية سياسية واستراتيجية واقتصادية كبيرة، وهي الطريق الرئيسي للتجارة المكية، وكانت طريقا فرعيا من مكة إلى المدينة كان يمرّ بها، إلى غير ذلك من الخصائص (مستفاد من بحث الدكتور حسين مؤنس المقدم إلى مؤتمر السيرة والسنة النبوية المنعقد في الدوحة في شهر محرم عام 1400 هـ) .
(3)
[أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، برقم (2772) ، والترمذي في أبواب تفسير القرآن، تفسير سورة المنافقين، برقم (3312) ، وأحمد في المسند (4/ 369 373) . من حديث زيد بن أرقم رضي لله عنه] .