الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعاول، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها أخذ المعول، وقال:
«باسم الله» وضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال:«الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام» فقطع ثلثا آخر، فقال:«الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إنّي لأبصار قصر المدائن الأبيض» ثمّ ضرب الثالثة، فقال:«باسم الله» فقطع بقية الحجر، فقال:«الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إنّي لأبصار أبواب صنعاء من مكاني الساعة» «1» .
هذا، والمسلمون في شكّ من حياتهم، يعضّهم الجوع، ويؤذيهم البرد، وينذرهم العدوّ.
المعجزات النبوية في الغزوة:
وظهرت المعجزات على يد الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا اشتدّت على المسلمين في بعض الخندق كدية «2» ، دعا بإناء من ماء، فتفل فيه، ثمّ دعا بما شاء الله أن يدعو به، ونضح ذلك الماء على تلك الكدية فانهالت وعادت كالكثيب «3» .
وظهرت البركة في طعام قليل، فشبع به عدد كبير، وكفى الجيش كلّه.
قال جابر بن عبد الله: إنّا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال:«أنا نازل» ثمّ قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم المعول، فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم «4» ، فقلت: يا رسول الله!
(1) أخرجه البيهقي [في «الدلائل» (3/ 417- 418) ] بسنده عن البراء بن عازب الأنصاري [وأخرجه أحمد في مسنده (4/ 303) و](ابن كثير، ج 3، ص 194) .
(2)
[الكدية: قطعة غليظة صلبة لا تعمل فيها الفأس] .
(3)
سيرة ابن هشام: ج 2، ص 217- 218.
(4)
أهيل أو أهيم: أي: رملا سائلا.
ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق «1» ، فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتّى جعلنا اللحم في البرمة «2» ، ثمّ جئت النبيّ صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي «3» ، قد كادت أن تنضج فقلت:
طعيم لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان، قال:«كم هو؟» فذكرت له، قال:«كثير طيب. قل لها: لا تنزع البرمة ولا الخبز من التّنوّر، حتّى آتي» فقال: «قوموا» فقام المهاجرون والأنصار.
فلمّا دخلت على امرأتي، قلت: ويحك! جاء النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم! قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال:«ادخلوا ولا تضاغطوا» فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم ويخمّر «4» البرمة والتنّور إذا أخذ منه، ويقرّب إلى أصحابه، ثمّ ينزع. فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا.
وبقي بقية، قال:«كلي هذا وأهدي، فإنّ الناس قد أصابتهم مجاعة» «5» .
وفي رواية: قال جابر: جئته، فساررته فقلت: يا رسول الله! ذبحنا بهيمة لنا وطحنّا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح
(1) العناق: الأنثى من ولد الماعز.
(2)
البرمة: القدر.
(3)
الأثافي: حجارة ثلاثة توضع عليها القدر.
(4)
يخمر: يغطي.
(5)
أخرجه البخاري في الجامع الصحيح [في كتاب المغازي] باب «غزوة الخندق» [برقم (4102) ، ومسلم في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك، برقم (2039) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما] .