الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السماء، ويعتقدون بالإرادة الحرّة، والحريّة المطلقة.
وبذلك يصفهم (هيرودوتس)، فيقول: إنّهم يقاومون أيّ قوة تحاول استرقاقهم، واستذلالهم، فالحرية عند العرب هي أكبر شعار، وميزة يمتاز بها العرب في نظر الكتبة اليونان، واللاتين.
وكذلك الصّلات بين العرب والهند، ومعرفة إحداهما بالآخرى، والتبادل التجاريّ والثقافيّ بين البلدين قديم ووثيق، وسابق على الإسلام والفتح الإسلاميّ بكثير، وكانت الهند من أعرف الأقطار الآسيوية بالعرب، وأقرب إليها، لعوامل جغرافية، واقتصادية، كما تدلّ على ذلك المصادر الهندية والعربية، والاكتشافات الحديثة «1» .
صلة الجزيرة بالنبوّات، والأديان السماوية:
والجزيرة العربية مهد نبوّات كثيرة، ومبعث عدد من الأنبياء، وقد جاء في القرآن: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف: 21] .
والمراد به نبيّ الله هود الذي أرسل إلى عاد، وعاد من العرب البائدة على قول المؤرّخين، وكان موطنها «الأحقاف» و (الحقف) كثيب مرتفع من الرّمال.
وكانت منازل عاد على المرتفعات المتفرّقة في جنوب الجزيرة، وهي الآن تقع في الجنوب الغربيّ من الربع الخالي، قريبا من «حضرموت» ، لا عمران فيها ولا حياة، وكانت جنّات ومتنزّهات معمورة بأقوام جبابرة
(1) اقرأ للتفصيل كتاب «الصلات بين العرب والهند» للعلامة السيد سليمان الندوي، وهو أحسن وأوسع ما كتب في هذا الموضوع.
يسمّون قوم عاد، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية جلبت عليهم طوفانا من الرمال «1» .
وقد دلّت الآية على أنّ هودا لم يكن هو الأول أو الآخر من الأنبياء الذين بعثوا في هذه البلاد، بل سبقه أنبياء ولحقوا به، فقد قال: وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ [الأحقاف: 21] .
وكذلك صالح نبيّ ثمود، كان مبعثه في جزيرة العرب، فإنّ ثمودا كانت تسكن «الحجر» ، الذي بين الحجاز وتبوك.
وقد نشأ إسماعيل في مكّة، وعاش فيها ومات.
وإذا صحّ أنّ مدين تدخل في جزيرة العرب في إطارها الواسع، فقد كان شعيب الذي أرسل إليها من العرب. فقد كانت «مدين» في أطراف أرض العرب من ناحية الشّام، قال أبو الفداء:«كان أهل مدين قوما عربا، يسكنون مدينتهم «مدين» ، الّتي هي قريبة من أرض معان، من أطراف الشام، مما يلي من ناحية الحجاز، قريبا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة» «2» .
وكانت أرض العرب مأوى لكثير من أصحاب الرّسالات والدّعوات، الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وتنكّرت لهم أوطانهم، فلم يجدوا مأوى إلّا في هذه الأرض البعيدة عن نفوذ الملوك الجبّارين، والرؤساء الظالمين، كما كان الشأن مع إبراهيم في مكّة، وموسى في مدين، هذا عدا الديانات التي لقيت اضطهادا في مهدها، فأوت إلى مواطن في الجزيرة،
(1) قال تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (6) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ [الحاقة: 6- 7] .
(2)
قصص الأنبياء: للشيخ عبد الوهاب النجار، ص 275؛ ج 1.