الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتّى مصبّ شطّ العرب في الخليج العربيّ.
وقد قسّم الإسلاميّون جزيرة العرب على خمسة أقسام:
1-
الحجاز، والحجاز يمتدّ من أيلة (العقبة) إلى اليمن، وسمّي حجازا- فيما يقولون- لأنّه سلسلة جبال تفصل تهامة- وهي الأرض المنخفضة على طول شاطىء البحر الأحمر- عن نجد.
2-
وتهامة، وقد وصفناها.
3-
واليمن.
4-
ونجد. وهو الجزء المرتفع الّذي يمتدّ من جبال الحجاز، ويسير شرقا إلى صحراء البحرين، وهو مرتفع فسيح، فيه صحراوات وجبال.
5-
والعروض، وهي تتصل بالبحرين شرقا، وبالحجاز غربا، وسمّيت بالعروض لاعتراضها بين اليمن ونجد، وتسمّى باليمامة أيضا «1» .
طبيعة الجزيرة، وأهلها:
وقد تغلّبت الصّحراويّة على شبه الجزيرة، وظهر الجفاف عليه لعوامل طبيعيّة وحوادث جيولوجية، وبسبب الموقع الجغرافيّ، فكان ذلك كلّه سببا في قلّة نفوس جزيرة العرب في الماضي وفي الحاضر، وفي سبب عدم نشوء مجتمعات حضريّة، وحكومات مركزيّة كبيرة فيها، وفي سبب تفشّي البداوة، وغلبة الطّبيعة الأعرابية على أهلها، وبروز روح الفرديّة عند أهلها، وتقاتل القبائل بعضها مع بعض، لذلك انحصرت الحضارة في الأماكن
(1) يردّ الرواة أقدم رواياتهم في هذا التقسيم إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
الممطورة، والأماكن التي خرجت فيها المياه الجوفيّة عيونا وينابيع، أو قاربت المياه فيها سطح الأرض فأمكن حفر الآبار فيها.
فالحياة في جزيرة العرب، هي هبة الماء، فكانت القوافل تؤمّه، وإليه كانت الطبيعة تقذف بالأعراب من كلّ مكان، وكانوا لا يرتبطون بالأرض ارتباط المزارع بأرضه، فلا يستقرّون في مكان إلّا إذا وجدوا فيه الكلأ والماء، فإذا جفّ الكلأ، وقلّ الماء ارتحلوا إلى مواضع جديدة.
ولذلك صارت حياتهم حياة قاسية، يتمثّل مجتمعهم في القبيلة، فالقبيلة هي الحكومة والقوميّة في نظر البدويّ، وكانت هذه الحياة لا تعرف الرّاحة والاستقرار، ولا تعترف إلا بمنطق القوّة، حياة جلبت المشقّة لأصحابها، والمشقّة لمن يقيم على مقربة منهم من الحضر، فهم في نزاع دائم فيما بينهم، ثمّ هم في نزاع مع الحضر.
ولكنّ العربيّ من ناحية أخرى مخلص، مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدّي واجبات الضّيافة، والمحالفة في الحروب، كما يؤدّي واجبات الصّداقة، مخلصا في أدائها، بحسب ما رسمه العرف، وقد نطق به شعرهم، وزخر به أدبهم، من حكم وأمثال، ومثل، وقيم.
والعربيّ يحبّ المساواة، ويعشق الحرّية، وهو رجل جادّ، صارم، قلّ في مجتمعه الإسفاف، محافظ، متمسّك بحياته، معتزّ بما كتب له، وإن كانت حياة خشونة وصعوبة.
والممعن في البداوة منهم ضعيف الإيمان بدين، قلّ أن يؤمن إلّا بتقاليد قبيلته، وما ورثه عن آبائه، مثله الأعلى في الأخلاق تركّز فيما سمّاه المروءة، وتغنّى بها في شعره وأدبه.