الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يحكم فيهم رجل منكم» ؟ قالوا: بلى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فذاك إلى سعد بن معاذ» ، فأرسل إليه، فلمّا جاء إليه، قال له بنو قبيلته: يا أبا عمرو! أحسن في مواليك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّما ولّاك ذلك لتحسن فيهم، فلمّا أكثروا عليه، قال: لقد أنى لسعد ألّا تأخذه في الله لومة لائم، قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذّراري والنساء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لقد حكمت فيهم بحكم الله» «1» .
موافقة لشريعة بني إسرائيل:
وقد وافق ذلك قانون الحرب في شريعة بني إسرائيل، فقد جاء في سفر التثنية (الإصحاح العشرون 10- 11- 12- 13) :
(1) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 239- 240، وفي رواية البخاري [في كتاب المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب..، برقم (4121) و (4122) ] ، ومسلم [في كتاب الجهاد، باب جواز قتال من نقض العهد..، برقم (1768) (1769) ] قال: قضيت بحكم الله؛ وربما قال: بحكم الملك «صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب: مرجع النّبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة» . وكان عددهم حوالي ثمانمئة (800) مقاتل، كما جاء في «الكامل» لابن الأثير (ج/ 2، ص/ 127) . وقد شكّك في هذا العدد بعض الكتّاب المعاصرين في ضوء القياس واستبعاد وقوع ذلك في بلد صغير كالمدينة وبأمر نبي اتسمت سيرته بالرحمة والرأفة، من غير استناد إلى شهادات تاريخية، راجع كتاب.D.Barakat Ahmad Muhammad The jews والمراجع اليهودية ساكتة عن التعليق على هذا الحادث الذي كان جديرا باستفزاز شعورهم الديني، وقد صنّف مؤلف يهودي اسمه صموئيل أسبك كتابا مهما في القرن السادس عشر المسيحي أسماه «ماثر شهداء اليهود» ولكنه لم يتعرض لجلاء بني قينقاع وبني النضير عن المدينة، ولا لإعدام مقاتلي بني قريظة.
وهذه كانت العادة المتبعة في بني إسرائيل في عهد أنبيائهم، فقد جاء في التوراة:
«فتجنّدوا على مديان كما أمر الربّ، وقتلوا كلّ ذكر، وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم، أوي، وراقم، وصور، وحور، ورابع، خمسة ملوك مديان، وبلعام بن باعور قتلوه بالسيف، وسبى بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم، ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكلّ أملاكهم، أحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار» . (سفر العدد، الإصحاح الحادي والثلاثون 7- 8- 9- 10) .
وذلك في عهد موسى- عليه السلام وبموافقة منه.
وقد جاء في التوراة:
«فخرج موسى والعازر الكاهن وكلّ رؤساء الجماعة لاستقبالهم إلى خارج المحلة، فسخط موسى على وكلاء الجيش رؤساء الألوف ورؤساء المئات القادمين من جند الحرب، وقال لهم موسى: هل أبقيتم كلّ أنثى حيّة» (سفر العدد، الإصحاح الحادي والثلاثون 13- 16)«1» .
(1) الكتاب المقدّس: مطبعة أو كسفورد، 1879 م.
ونفّذ في بني قريظة حكم سعد بن معاذ، وخلت المدينة من جميع أوكار المؤامرة والمحاربة اليهودية، وأمن المسلمون من الطّعن من الخلف، ومن نشر الفوضى في الداخل.
وقتلت الخزرج سلّام بن أبي الحقيق، وكان ممن حزب الأحزاب، وكانت الأوس قد قتلت من قبل كعب بن الأشرف، وكان مقدّما في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتحريض عليه، فنجا المسلمون من الرؤوس التي كانت تكيد ضدّ الإسلام والمسلمين، وتقود الحركات ضدّهم، واستراح المسلمون «1» .
وكان ما عامل به رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة مما اقتضته سياسة الحرب وطبيعة القبائل العربية واليهودية، وكان لا بدّ من عقوبة صارمة تكون درسا للعابثين بالعهود والمحالفات، ونكالا لما بين يديها وما خلفها، يقول LR.V.C.Bodley في كتابه «حياة محمد الرسول» :
«وكان محمد وحيدا في بلاد العرب، وكانت هذه البلاد من حيث المساحة ثلث الولايات المتحدة الأمريكية، وكان عدد النفوس فيها يبلغ خمسة ملايين نفس.. ولم يكن عنده من الجيوش التي تحمل الناس على امتثال أمره إلا الجيش الذي لا يزيد على ثلاثة آلاف جنديّ، ولم يكن هذا الجيش مسلّحا تسليحا كاملا، فإذا وهن محمد في هذه القضية أو ترك جريمة غدر بني قريظة من غير أن يعاقبهم عليها، لم يكن للإسلام في جزيرة العرب بقاء، إنّه لا شكّ أنّ عملية قتل اليهود كانت عنيفة، ولكن لم يكن حادثا فريدا من نوعه في تاريخ الديانات، ولقد كان لهذا العمل مبرّر من وجهة نظر
(1) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 273 [انظر خبر قتل سلام بن أبي الحقيق فيما أخرجه البخاري، في كتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
…
، برقم (4038) و (4039) و (4040) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما] .