الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي عنه أنّه قال: «إنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» «1» .
ويقول عبد الله بن عمرو بن العاص: «دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه» «2» .
وكان صلى الله عليه وسلم يقمّ «3» البيت، ويعقل البعير، ويعلف ناضحه «4» ، ويأكل مع الخادم، ويعجن معها، ويحمل بضاعته من السوق «5» .
شجاعته وحياؤه:
وقد كان يجمع بين الحياء والشجاعة، وقد اعتبرهما كثير من الناس من الأضداد.
أمّا الحياء فقد روي عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه أنّه كان أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه «6» ، وكان
(1) كتاب الشفاء: ص 101.
(2)
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» [باب من ألقى له وسادة، برقم (1176) وأخرجه في الصحيح في كتاب الاستئذان، باب: من ألقي له وسادة، برقم (6277) ، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر
…
، برقم (2741) ] .
(3)
يقمّ: أي ينظّف.
(4)
[النّاضح: البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء (لسان العرب، مادة: نضح) ] .
(5)
كتاب الشفاء: [القسم الأول، الباب الثاني (ج 1/ ص 266) ] .
(6)
[أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3562) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، برقم (2320) ، وابن ماجه في أبواب الزهد، باب الحياء، برقم (4180) ، والترمذي في «الشمائل» في باب حياء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (356) ] .
يمنعه الحياء عن أن يواجه أحدا بما يكرهه، فيكل ذلك إلى غيره.
روى أنس- رضي الله عنه أنّه كان عنده صلى الله عليه وسلم رجل له أثر صفرة «1» ، فكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه! أحدا بشيء يكرهه، فلمّا قام، قال للقوم:«لو قلتم له: يدع هذه الصّفرة» «2» .
وعن عائشة- رضي الله عنها قالت: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد ما يكرهه، لم يقل ما بال فلان يقول كذلك، ولكن يقول:«ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا» ينهى عنه، ولا يسمّي فاعله «3» .
أمّا الشّجاعة، فناهيك بشهادة عليّ فارس الفرسان، وفتى الفتيان، قال رضي الله عنه: إنّا كنّا إذا اشتدّ البأس، واحمرّت الحدق، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه، ولقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدوّ «4» .
يقول أنس- رضي الله عنه: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصّوت، فاستقبلهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول:«لن تراعوا لن تراعوا» ، وهو على فرس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، وفي
(1)[الصفرة: بقية صفرة من الزعفران] .
(2)
أخرجه الترمذي في الشمائل، باب «خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم» [برقم (339) ، وأبو داود في كتاب الترجل، باب في الخلوق للرجال، برقم (4182) ، والنّسائي في «عمل اليوم والليلة» برقم (236) ] .
(3)
[أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب، برقم (6101) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب علمه بالله تعالى وشدّة خشيته، برقم (2356) ] .
(4)
كتاب الشفاء: (ج 1/ ص 237) ، وأخرجه أحمد في المسند (1/ 86) ] .