الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحبّ أن أخرج إليكم، وأنا سليم الصدر» «1» .
وكان لهم أبا رحيما، وأصبح المسلمون كلّهم له عيالا، يحنو عليهم حنوّ المرضعات على الفطيم، لا شأن له بما متّعهم الله به من مال، ووسّع لهم في الرّزق.
أمّا ديونهم، وما يثقل كواهلهم، فكان يستقلّ به، ويقول:«من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلّا فإلينا» «2» .
وفي رواية أنّه قال: «ما من مؤمن إلّا وأنا أولى به في الدّنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيّما مؤمن مات، وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعا، فليأت مولاه» «3» .
اعتدال الفطرة وسلامة الذوق:
وقد خلقه الله في أتمّ خلق وخلق، وإليه المنتهى- عبر القرون والأجيال- في اعتدال الفطرة، وسلامة الذّوق، ورقّة الشعور، والسّداد، والاقتصاد، والبعد عن الإفراط والتفريط، تقول عائشة- رضي الله عنها: «ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان
(1) كتاب الشفاء: ص 55، أخرجه عن طريق أبي داود [وأخرجه في سننه في كتاب الأدب، باب في رفع الحديث من المجلس، برقم (4860) ، والترمذي في أبواب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3896) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما] .
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض، باب: الصلاة على من ترك دينا، [برقم (2298) ، وأبو داود في كتاب الفرائض، باب في ميراث ذوي الأرحام، برقم (2899) و (2900) ، وابن ماجه في أبواب الصدقات، باب: من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله ورسوله، برقم (2416) ] .
(3)
[قد سبق تخريجه في الحديث السابق] .
إثما، كان أبعد الناس منه» «1» .
وكان أبعد الناس عن التكلّف، والمغالاة في الزهد، وحرمان النفس حقوقها.
روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الدّين يسر، ولن يشادّ الدّين أحد إلّا غلبه، فسدّدوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والرّوحة وشيء من الدّلجة «2» » «3» .
وقال: «مه! عليكم بما تطيقون، فو الله ما يملّ الله حتّى تملّوا» .
وعن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحبّ إلى الله؟ قال: «الحنيفية السّمحة «4» » «5» .
وعن ابن مسعود- رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطّعون» «6» .
(1)[أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: الدين يسر، برقم (3560) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، برقم (2327) ، وأبو داود في كتاب الأدب، باب في التجاوز في الأمر، برقم (4785) ] .
(2)
[الدّلجة، بالضم والفتح: هو سير الليل] .
(3)
أخرجه البخاري [في كتاب الإيمان، باب: الدين يسر برقم (39) ، والنسائي في كتاب الإيمان، باب الدين يسر، برقم (5037) ] .
(4)
[الحنيفية السمحة: هي ملّة إبراهيم عليه السلام، ومعنى السّمحة: السهلة] .
(5)
[أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» باب حسن الخلق، برقم (287) ، وأحمد في المسند (1/ 236) والحديث حسن لغيره] .
(6)
المتنطّعون: المتشدّدون المتعمّقون، أخرجه مسلم [في كتاب العلم، باب: هلك المتنطعون، برقم (2670) ، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4608) ] .