الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووفد بلي، ووفد ذي مرّة، ووفد خولان، وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صنم لخولان «1» ، الذي كانوا يعبدونه، قالوا: أبشر، بدّلنا الله به ما جئت به، وقد بقيت منّا بقايا من شيخ كبير، وعجوز كبيرة، متمسّكون به ولو قدمنا عليه لهدمناه إن شاء الله «2» .
وقدم وفد محارب، ووفد غسّان، وغامد، ووفد النّخع «3» .
وكانت الوفود تتعلّم الإسلام، وتتفقّه في الدّين، ويشهدون أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعشرة أصحابه، وقد تضرب لهم خيام في فناء المسجد، فيسمعون القرآن، ويرون المسلمين يصلّون، ويسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّا يجول في خاطرهم في بساطة وصراحة، ويجيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلاغة وحكمة، ويستشهد بالقرآن، فيؤمنون، ويطمئنّون.
بين وثنيّ جاهل وبين نبيّ معلّم:
وهذا حديث دار بين كنانة بن عبد ياليل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كنانة: أفرأيت الزّنى، فإنّا قوم نعتزب، ولا بدّ لنا منه؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو عليكم حرام، وإنّ الله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا [الإسراء: 32] » .
كنانة: أفرأيت الرّبا فإنّه أموالنا كلّها؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكم رؤوس أموالكم، إنّ الله تعالى يقول: يا أَيُّهَا
(1) زاد المعاد: ص 44- 47.
(2)
المصدر السابق: ص 47.
(3)
المصدر السابق: ص 47- 55.
خريطة سرايا تكسير الأصنام
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: 278] » .
كنانة: أفرأيت الخمر فإنها عصير أرضنا لا بدّ لنا منها؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله قد حرّمها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90] » .
كنانة: أفرأيت الرّبّة «1» ، ما نصنع بها؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اهدموها» .
كنانة وقومه: لو تعلم الرّبّة أنّك تريد هدمها لقتلت أهلها.
وهنا تدخّل عمر بن الخطاب في الحديث، فقال: ويحك يا بن عبد يا ليل، ما أجهلك! إنما الرّبّة حجر.
كنانة وقومه: إنّا لم نأتك يا بن الخطاب، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تولّ أنت هدمها، فأمّا نحن فإنّا لا نهدمها أبدا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها» وأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجوع، وأكرمهم وحيّاهم.
وقالوا: يا رسول الله، أمّر علينا رجلا يؤمّنا من قومنا، فأمّر عليهم عثمان بن أبي العاص، وكان أصغرهم سنّا، لما رأى من حرصه على الإسلام، وكان قد تعلّم سورا من القرآن قبل أن يخرج «2» .
وكان عام الوفود عام القضاء على نفوذ الوثنيّة، وتصفية الوجود الوثنيّ في جزيرة العرب.
(1)[الرّبة: يعني اللّات، وهي الصّخرة التي كانت تعبدها ثقيف بالطّائف] .
(2)
زاد المعاد: ج 2، ص 25.