الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتّى تقرّ عيني من بني قريظة» «1» .
المسير إلى بني قريظة:
فلمّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الخندق راجعين إلى المدينة ووضعوا السلاح، أتى جبريل، وقال: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟
قال: «نعم» فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، إنّ الله عز وجل يأمرك بالمسير إلى بني قريظة، فإنّي عامد إليهم، فمزلزل بهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذّنا، فأذّن في النّاس:«أنّ من كان سامعا مطيعا فلا يصلّينّ العصر إلّا في بني قريظة» «2» .
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة، فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، حتّى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب «3» .
ندم أبي لبابة وتوبة الله عليه:
وبعثت بنو قريظة إلى رسول الله أن ابعث إلينا أبا لبابة أخا بني عمرو بن عوف- وكانوا حلفاء الأوس- لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فلمّا رأوه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان، يبكون في
(1) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 227. وكان سعد قد أصابه سهم قرشي لا قرظي، وقد جاء اسم الرّامي في صحيح البخاري حبّان بن العرقة القريشي [انظر: كتاب المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب..، رقم (4122) و «السنن الكبرى» للبيهقي (9/ 97) ، ومسند الإمام أحمد (6/ 56) ] ، فلم يكن عند سعد ترة على القرظيين، ودافعا له إلى هذا الحكم.
(2)
سيرة ابن هشام: ج 2، ص 233- 234؛ أخرج البخاري القصة بزيادة وتفصيل في باب مرجع النّبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم [برقم (4199) ] . وأخرجها مسلم في كتاب الجهاد والسير في باب «جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل، أهل للحكم» [برقم (1770) ] .
(3)
سيرة ابن هشام: ج 2، ص 235.
وجهه، فرقّ لهم وقالوا له: يا أبا لبابة! أترى أن ننزل على حكم محمد؟
قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه أنّه الذبح.
قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثمّ انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتّى يتوب الله عليّ ممّا صنعت، وعاهدت الله ألّا أطأ بني قريظة أبدا، ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
ولمّا تاب الله عليه قال:
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: 102] .
فثار النّاس إليه ليطلقوه، فقال: لا، والله، حتّى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، ومرّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح، فأطلقه وقد أقام مرتبطا بالجذع نحو عشرين ليلة، تأتيه امرأته في كلّ وقت صلاة، فتحلّه للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع «1» .
آن «2» لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم:
ونزل بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبت الأوس، وقالوا:
يا رسول الله! إنّهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا «3» بالأمس ما قد علمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضون يا معشر الأوس
(1) سيرة ابن هشام: ج 2، ص 236- 238.
(2)
أنى: أي حان.
(3)
يعنون بني قينقاع.