الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان يفطر يوم الجمعة) (1)، وهذا ليس بطلب فلا يدخل في تعريف الشيخ عطاء، ولكنه قد يدخل في تعريف الشيخ العثيمين لأن حكاية الفعل الذي ظهر فيه القربة تتضمن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم وهو مأمور به شرعا؛ لقوله تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف: 158]، قال الأشقر في "أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم " (1/ 193):(فقد أمرنا الله عز وجل بإتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، والإتباع في اللغة أن يسير الإنسان خلف آخر، والمراد هنا أن نتخذه صلى الله عليه وسلم رئيسًا، وقائدًا إلى أعمال الخير والبر نهتدي بهديه. والاتباع يكون في الأقوال والأفعال فمن استعمال الإتباع في طاعة الأقوال قوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)[الزمر: 18]، ومن إتباع الأفعال قوله تعالى:(وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ)[البقرة: 145]
…
ثم نقل عن القاضي عبدالجبار أن الإتباع إذا أطلق انصرف إلى إتباع الأفعال كإتباع الإمام، أما طاعة الأقوال فتسمى امتثالًا ولا تسمى إتباعًا إلا مقيدًا). وعليه فتدخل في تعريف الأمر.
وقد أضاف الشيخ عطاء هذا القيد الأخير ليخرج النائم والساهي، فالنائم وقت نومه ليس مكلفا، فالشارع لم يطلب منه التكليف أثناء نومه، وكذلك الساهي إذا فعل الفعل وكان ناسيا فالنسيان عذر فإن الناسي لا يكون مطالبا بهذا الفعل حال نسيانه.
وهذا التعقب لا يصح وذلك لأن الندب حكم تكليفي فالمطالب به هو المكلف فلا يصح توهم دخول غير المكلف ثم إخراجه بعد.
تنبيه: المندوب مأمور به حقيقة:
قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير (1/ 405)"وهو" أي المندوب "تكليف". قاله الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني، وابن عقيل
(1) حسن - أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد، وغيرهم.
والموفق، والطوفي، وابن قاضي الجبل وغيرهم، إذ معناه طلب ما فيه كلفة. وقد يكون أشق من الواجب. وليست المشقة منحصرة في الممنوع عن نقيضه، حتى يلزم أن يكون منه.
ومنعه ابن حمدان من أصحابنا وأكثر العلماء. قاله ابن مفلح في "أصوله". "و" هو "مأمور به حقيقة" عند أحمد والشافعي وأكثر أصحابهما. وحكاه ابن عقيل عن علماء الأصول والفقهاء، لدخوله في حد الأمر، لانقسام الأمر إليهما. وهو مستدعى ومطلوب. قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} ، وإطلاق الأمر عليه في الكتاب والسنة. والأصل: الحقيقة، ولأنه طاعة لامتثال الأمر).
قال الشنقيطي في المذكرة (ص/14): (والتحقيق أن المندوب مأمور به؛ لأن الأمر قسمان: أمر جازم أي في تركه العقاب وهو الواجب. وأمر غير جازم، أي لا عقاب في تركه وهو المندوب.
والدليل على شمول الأمر للمندوب قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ)[الحج: 77] أي ومنه المندوب، (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ) [لقمان: 17]، أي ومنه المندوب:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)[النحل: 90]، أي ومن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو مندوب، واحتج من قال أن الندب غير مأمور به بقوله:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: 63] قالوا في الآية التوعد على مخالفة الأمر بالفتنة والعذاب الأليم، والندب لا يستلزم تركه شيئا من ذلك، والحديث:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) مع أنه ندبهم إلى السواك قالوا فدل ذلك على أن الندب غبر مأمور به والجواب أن الأمر في الآية والحديث المذكورين يراد به الأمر الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، وقد قدمنا أن الأمر يطلق على هذا وهذا وزعم من قال أن الندب تخيير بدليل جواز تركه والأمر استدعاء وطلب. والتخيير والطلب متنافيان، زعم غير صحيح، لان الندب ليس تخييرا مطلقا بدليل أن الفعل فيه أرجح من الترك للثواب في فعله وعدم الثواب في تركه، ولان المندوب أيضا مطلوب الا أن طلبه غير جازم والندب في اللغة الدعاء إلى الفعل
…
).