الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما سبق يكون تعريف التقليد هو: (التزام المكلف في حكم شرعي مذهب من ليس قوله حجة في ذاته من غير معرفة رجحان دليله).
مواضع التقليد:
قال الشيخ رحمه الله: (يكون التقليد في موضعين:
الأول: أن يكون المقلد عاميّاً لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه ففرضه التقليد، ويقلد أفضل من يجده علماً وورعاً فإن تساوى عنده اثنان خير بينهما.
الثاني: أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها فيجوز له التقليد حينئذ).
وقد سبق الكلام على هذه المسائل وبيان أنه يجوز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل، وأنه عند التعارض يقدم الأعلم من المفتين، فإنْ تساووا أخذَ بقول الأتقى والأورع، فإنْ جهل الأعلمَ أو الأورعَ سأل العارفين بهم عن ذلك، ثم أخذ بمَن يغلب على ظنه أنه الأعلمُ أو الأتقى.
وقد سبق بيان أن المجتهد لا يقلد مطلقا بما يغني عن إعادته هنا.
حكم التقليد في أصول الدين:
قال الشيخ: (واشترط بعضهم لجواز التقليد أن لا تكون المسألة من أصول الدين (1) التي يجب اعتقادها، والراجح أن ذلك ليس بشرط).
خالف الشيخ قول الأكثرين من الأصحاب والمشهور من المذهب، واختار قول بعض الحنابلة والشافعية واختيار تقي الدين ابن تيمية من أنه يجوز التقليد في مسائل أصول الدين (2).
(1) راجع كلامنا على التفريق بين الأصول والفروع عند الكلام على تعريف الفقه.
(2)
انظر: العدة (4/ 1217)، التمهيد (4/ 396)، الواضح (5/ 237)، المسودة (ص/407)، النبوات (ص/42)، مجموع الفتاوى (20/ 202)، أصول ابن مفلح (4/ 1533)، شرح مختصر الروضة (3/ 656)، التحبير (8/ 4017)، شرح الكوكب (4/ 533)، الفصل لابن حزم (4/ 28)، المحصول للرازي (6/ 125)، الإبهاج (3/ 270)، اللمع (ص/125)، الفقيه والمتفقه (2/ 128)، الإحكام للآمدي (4/ 229)، البحر المحيط للزركشي (4/ 560)، إرشاد الفحول (2/ 241)، الأصول والفروع للشثري (ص/530)، وقد صنفت رسائل وأبحاث مفردة في هذه المسألة من ذلك: رسالة الجيس والكمين لقتال من كفر عامة المسلمين لابن بو جمعة الوهراني، التقليد في باب العقائد وأحكامه لناصر الجديع، التقليد في مسائل الإيمان وأصول الاعتقاد، لرشيد بن حسن بن محمد، وهو منشور في مجلة الحكمة، العدد (32)، حكم التقليد في أصول الدين، لخالد حسين الخالد، وهو بحث منشور في مجلة جامعة دمشق، العلوم الإنسانية عدد شوال/1412هـ.
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى"(20/ 202): (أما في المسائل الأصولية فكثير من المتكلمة والفقهاء من أصحابنا وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل أحد حتى على العامة والنساء حتى يوجبوه في المسائل التي تنازع فيها فضلاء الأمة قالوا لأن العلم بها واجب ولا يحصل العلم إلا بالنظر الخاص.
وأما جمهور الأمة فعلى خلاف ذلك فان ما وجب علمه إنما يجب على من يقدر على تحصيل العلم وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق فكيف يكلف العلم بها وأيضا فالعلم قد يحصل بلا نظر خاص بل بطرق أخر من اضطرار وكشف وتقليد من يعلم أنه مصيب وغير ذلك
وبإزاء هؤلاء قوم من المحدثة والفقهاء والعامة قد يحرمون النظر في دقيق العلم والاستدلال والكلام فيه حتى ذوى المعرفة به وأهل الحاجة إليه من أهله ويوجبون التقليد في هذه المسائل أو الإعراض عن تفصيلها وهذا ليس بجيد أيضا فان العلم النافع مستحب وإنما يكره إذا كان كلاما بغير علم أو حيث يضر فإذا كان كلاما بعلم ولا مضرة فيه فلا بأس به وإن كان نافعا فهو مستحب فلا إطلاق القول بالوجوب صحيحا ولا إطلاق القول بالتحريم صحيحا
…
).
وقد استدل الشيخ العثيمين لصحة إيمان المقلد في "شرح السفارينية"(ص/311) بما يلي: (1 - أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل: 43] ونسألهم لنأخذ بقولهم، ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل رجال من العقيدة ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم.
2 -
وقال تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ)[يونس: 94]، ويسألهم ليرجع إليهم، وإذا كان الخطاب هذا للرسول ولم