الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 ـ أن لا يقوم دليل يمنع من التقييد، فإن قام دليل يمنع منه لم يجز، ويمكن أن نمثل له بإطلاق الرقبة في كفارة الظهار في قوله تعالى:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)، [المجادلة: 3] وتقييد الرقبة في كفارة القتل بالإيمان كما في قوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)[النساء: 92] فقد تقرر حمل المطلق على المقيد في هذه الحالة فالواجب تحرير رقبة مؤمنة في كفارة الظهار، ولنفترض أنه ورد نص آخر في كفارة الظهار ينص على اجزاء الرقبة الكافرة نحو: فتحرير رقبة مؤمنة أو كافرة، لكان ذلك دليلا مانعا من حمل المطلق على المقيد، فيجزئ في الظهار رقبة مؤمنة، أو كافرة (1).
المجمل والمُبْيَّن
تعريف المجمل:
أ- لغة:
قال الشيخ: (المجمل لغة: المبهم والمجموع).
قال المرداوي في "التحبير"(6/ 2749): ((المجمل لغة المجموع)، أو المبهم، (أو المحصل). قال ابن مفلح: المجمل لغة المجموع من أجملت الحساب. وقيل: أو المبهم
…
وقال البرماوي: المجمل أصله من الجمل وهو الجمع، ومن معانيه اللغوية أيضا الإبهام، من أجمل الأمر، أي: أبهمه، ومنه التحصيل، من أجمل الشيء حصله.) (2).
ب- اصطلاحا:
قال الشيخ: (ما يتوقف فهم المراد منه على غيره).
قال الشيخ في "الأصل": (ما يتوقف فهم المراد منه على غيره إما في تعيينه أو بيان صفته أو مقداره.
مثال ما يحتاج إلى غيره في تعيينه قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)[البقرة: 228] فإن القرء لفظ مشترك بين الحيض والطهر فيحتاج في تعيين أحدهما إلى دليل.
(1) ذكر هذا المثال إبراهيم بن عبدالله في "الدليل الشرعي بين الإطلاق والتقييد"(ص/138).
(2)
انظر مادة جمل في: معجم مقاييس اللغة، مختار الصحاح، لسان العرب، المصباح المنير.
ومثال ما يحتاج إلى غيره في بيان صفته: قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)[البقرة: 43] فإن كيفية إقامة الصلاة مجهولة تحتاج إلى بيان.
ومثال ما يحتاج إلى غيره في بيان مقداره: قوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) فإن
مقدار الزكاة الواجبة مجهول يحتاج إلى بيان).
وقريب من تعريف الشيخ تعريف القاضي في العدة (1)(1/ 142) حيث عرفه بقوله: (وأما المجمل فهو ما لا ينبئ عن المراد بنفسه، ويحتاج إلى قرينة تفسره مجمل في جنس الحق وفي قدره، ويحتاج إلى دليل يفسره ويبين معناه.
فأما قوله تعالى: (أَقِيمُوا الْصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) فإن ذلك مجمل؛ لأن الصلاة في اللغة: دعاء، فكان كما قال تعالى:(وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)[سورة الأنفال: 35]، وفي الشريعة هي: التكبير والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد والسلام، ولا يقع على شيء من ذلك اسم الصلاة.
فإذا كان اللفظ لا يدل على المراد به ولا ينبئ عنه وجب أن يكون مجملا.
وكذلك الزكاة في اللغة: النَّمَاء والزيادة، من قولهم: زكا الزرع إذا زاد ونما. والمراد في الشريعة بالزكاة غير ذلك، واللفظ لا يدل عليه ولا ينبئ عنه
…
).
- وللحنابلة تعريف آخر له، قال المرداوي في "التحبير" (6/ 2750):(قوله: (واصطلاحا: ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء). قاله الطوفي في ' مختصره '، لكن قال: اللفظ المتردد إلى آخره فيرد عليه الأفعال، نحو القيام من الركعة الثانية قبل التشهد؛ لتردده بين الجواز والسهو فلذلك حذفتها ليدخل الإجمال الفعلي فإن المجمل يتناول القول والفعل والمشترك والمتواطئ. واحترز بقوله:(بين محتملين) عما له محتمل واحد كالنص. وقوله: على السواء، احتراز عن الظاهر، وعن الحقيقة التي لها مجاز).
(1) وأيضا تعريف: الشيرازي في "اللمع"(ص/49)، والباجي في "الحدود"(ص/45)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 234)، ونص عبارة الشيرازي:(المجمل هو ما لا يعقل معناه من لفظه ويفتقر في معرفة المراد إلى غيره)، وعرفه الأزميري في "حاشيته على مرآة الأصول" (1/ 410):(ما خفي مراده بحيث لا يدرك إلا ببيان يرجي).