الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الإقرار
(1):
هو كف (2) النبي صلى الله عليه وسلم عن الإنكار على ما علم به من قول، أو فعل.
شروط صحة دلالة التقرير
(3):
الشرط الأول - أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل، سواء سمعه، أو رآه مباشرة، وهو الأكثر من الأقارير المحتج بها، أو حصل في غيبته ونقل إليه كما نقل إليه خبر تأخيرهم لصلاة العصر حتى غربت الشمس يوم بني قريظة (4).
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة"(2/ 62 (: (شرط كون إقراره حجة، بل شرط كون تركه الإنكار إقرارا: علمه بالفعل؛ لأنه بدون العلم لا يوصف بأنه مقر أو منكر).
ومما يقوم مقام العلم أن يشيع الفعل وينتشر ويكثر وقوعه بين الصحابة فيكون مثل هذا الفعل حجة، وذلك لأحد أمرين:
الأول - أنه يغلب على الظن مع كثرة وقوع الفعل وانتشاره اطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه.
الثاني - على فرض عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم به مع انتشاره، فإن الحجة تكون في إقرار الله - تعالى -، وسيأتي تفصيل الكلام على هذه المسألة قريبا - بإذن الله - (5).
الشرط الثاني - قال ابن الحاجب أن يكون قادرا على الإنكار.
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة"(2/ 62 (: (شرط كون إقراره حجة، بل شرط كون تركه الإنكار إقرارا: قدرته على الإنكار؛ لأنه مع العجز لا يدل على أنه مقر، كحاله مع الكفار في مكة قبل ظهور كلمته)(6).
(1) ذكر هذا التعريف الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول"(2/ 90).
(2)
الكف فعل كما سبق وأن بينا، وقولنا كف أولى من قولنا سكوت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يسكت عن المنكر لكن يغيره بيده.
(3)
لخصتها من كلام الشيخ الأشقر في أفعال الرسول (2/ 104) مع بعض الزيادات.
(4)
وسوف يأتي أثر عمر- رضي الله عنه في اشتراط ذلك عند الكلام على إقرار الله - تعالى-.
(5)
وقد استفدته من كلام الشيخ عياض السلمي في شرح الورقات"، وسوف يأتي نص كلامه.
(6)
وقد اعتبر هذا الشرط أيضا ابن مفلح في "أصوله"(1/ 354).
وذهب الباقلاني والزركشي إلى أن إنكار المنكر لا يسقط عن النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الخوف على نفسه لأمرين:
أن الله تعالى ضمن له النصر والظفر على أعدائه بقوله: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 95]، وقوله:(وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[المائدة: 67].
والثاني: أن تركه الإنكار يوهم جواز الشيء ونسخ النهي.
وتابعهم المرداوي في عدم اعتبار هذا الشرط فقال في "التحبير"(3/ 1492): (لم يقيد المسألة بكونه قادرا عليه، كما ذكره ابن الحاجب وغيره، إذ لا حاجة إليه؛ لأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن وجوب إنكاره المنكر لا يسقط عنه بالخوف على نفسه، وإن كان ذلك إنما هو لعدم تحقق خوفه، بعد إخبار الله تعالى عنه بعصمته من الناس)(1).
وقد أجاب الشيخ الأشقر على أدلة الباقلاني بقوله: (آية العصمة متأخرة في العهد المدني، وأنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحرس قبل ذلك حتى نزلت. وأما كفاية المستهزئين فهي خاصة بهم، وليست عامة في من يخاف منهم.
ولذلك يظهر لنا أن هذا الشرط معتبر في الإقرار في أوائل العهد المدني، أما في العهد المكي فلم يتبعه صلى الله عليه وسلم إلا خلص المؤمنين، فلا خشية منهم. وأما بعد نزول آية العصمة فلا. وأما في العهد المدني قبل نزولها فيمكن تحقيق الخشية من جهة بعض من مردوا على النفاق من أهل المدينة.
وإنما يعتبر هذا الشرط بقدره، وحيث يتحقق لخوفه صلى الله عليه وسلم على نفسه وجه، والأصل عدم الخوف.
وأما استدلال الباقلاني بأن ترك الإنكار خوفا يوهم الجواز، فإن الإمارات لا تخفى على الحاضرين لو حصل شيء من ذلك، فلا يتحقق ما ذكر).
ومن دقق في كلامهما علم أنه لا منافاة بينهما، فمقصود من أعتبر هذا الشرط اعتباره في أوائل العهد المدني، ومقصود من لم يعتبره اعتبار ما كان بعد هذه الفترة من حراسة المؤمنين له، ثم نزول آية العصمة بما يحقق للنبي القدرة على الإنكار.
(1) وأقره ابن النجار في "شرح الكوكب"(2/ 194).