الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطلاق المكره عند موقعه وهو غير مقدور له بمطلق الإكراه أو مع الإلجاء، كما سبق في موضعه.
أما المستثنى من عدم اشتراط العلم والقدرة فهو قاعدتان:
إحداهما: أسباب العقوبات، كالقصاص لا يجب على مخطئ في القتل لعدم العلم، وحد الزنى لا يجب على من وطئ أجنبية يظنها زوجته، لعدم العلم أيضا، ولا على من أكره على الزنى لعدم القدرة على الامتناع، إذ العقوبات تستدعي وجود الجنايات التي تنتهك بها حرمة الشرع زجرا عنها وردعا، والانتهاك إنما يتحقق مع العلم والقدرة والاختيار، والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك، والجاهل والمكره قد انتفى ذلك فيه، وهو شرط تحقق الانتهاك، فينتفي الانتهاك لانتفاء شرطه، فتنتفي العقوبة لانتفاء سببها.
القاعدة الثانية: الأسباب الناقلة للأملاك، كالبيع، والهبة، والصدقة، والوصية، ونحوها: يشترط فيها العلم والقدرة، فلو تلفظ ناقل للملك، وهو لا يعلم مقتضاه لكونه أعجميا بين العرب، أو عربيا بين العجم، أو طارئا على بلد الإسلام، أو أكره على ذلك، لم يلزمه مقتضاه، لقوله عليه السلام:(لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه)، وقوله سبحانه وتعالى:(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)[النساء: 29]، ولا يحصل الرضى إلا مع العلم والاختيار).
الصحيح
تعريف الصحيح لغة:
قال الشيخ: (الصحيح لغة: السليم من المرض).
قال ابن منظور في لسان العرب مادة (ص ح ح): الصُّحُّ والصِّحَّةُ والصَّحاحُ: خلافُ السُّقْمِ، وذهابُ المرض؛ وقد صَحَّ فلان من علته واسْتَصَحَّ).
تعريف الصحيح اصطلاحاً:
قال الشيخ: (ما ترتبت آثار فعله عليه).
قال في الشرح (ص/70): (فكل شيء تترتب آثار فعله عليه فهو الصحيح، سواء
أكان عبادة، أو معاملة، أو عقدًا، فكل شيء تترتب آثاره عليه فهو الصحيح).
وأكد ذلك الشيخ بقوله: (فالصحيح من العبادات: ما برئت به الذمة وسقط به الطلب.
والصحيح من العقود: ما ترتب آثاره على وجوده، كترتب الملك على عقد البيع مثلاً).
ثم أخذ يبين متى يكون الشيء صحيحا فقال: (ولا يكون الشيء صحيحاً إلا بتمام شروطه وانتفاء موانعه).
ومثل لذلك في الأصل فقال (ص/72): (مثال ذلك في العبادات: أن يأتي بالصلاة في وقتها تامة شروطها وأركانها وواجباتها.
ومثال ذلك في العقود: أن يعقد بيعًا تامًا شروطه المعروفة مع انتفاء موانعه. فإن فقد شرط من الشروط أو وجد مانع من الموانع امتنعت الصحة.
مثال فقد الشرط في العبادة: أن يصلي بلا طهارة.
ومثال فقد الشرط في العقد: أن يبيع مالا يملك.
ومثال وجود المانع في العبادة: أن يتطوع بنفل مطلق في وقت النهي.
ومثال وجود المانع في العقد: أن يبيع من تلزمه الجمعة شيئاً بعد ندائها الثاني على وجه لا يباح).
والأثر المترتب على الفعل يختلف عند المتكلمين عنه عند الفقهاء، فهو عند المتكلمين: موافقة الشرع، وعند الفقهاء يفرقون بين العبادات، والمعاملات، ففي العبادة: إسقاط القضاء، وفي المعاملات: ترتب ثمرة العقد عليه، كما سيأتي قريبًا - بإذن الله - بيان ذلك.
ومقصود الشيخ بالآثار المقصودة من العبادة هي براءة الذمة وسقوط الطلب، فمن أدى الصلاة مستوفاة الشروط والأركان وخالية من الموانع فقد برئت بها الذمة وسقط بها الطلب.
وأما المعاملة فتختلف باختلاف نوعها، فإن كانت بيعا فهي دخول الثمن في ملك البائع والمبيع في ملك المشتري، وإن كانت إجارة فالمقصود منها تمكين المستأجر من العين المستأجرة لينتفع بها، وتمكين المؤجر من تملك الأجرة لينتفع بها، وهكذا.