الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة وأنه عارضه العام مرتين أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن من المعارضة المقابلة 0
والتقابل بين شيئين لا يتحقق إلا بظهورهما وبروزهما في مواجهة بعضهما.
- ومن معانيها أيضا المنع، يقال: اعترض الشيء إذا صار عارضا ومانعا، والأصل فيه أن الطريق إذا أعترض فيه بناء أو غيره منع السابلة من سلوكه. ومنه قوله تعالى:(وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا)[البقرة: 224] أي لا يمنعه يمينه من ان يتقي الله ويصل رحمه ويصلح بين الاثنين.
ويقال: اعترض الشيء دون الشيء، أي حال دونه، ومنى سمي السحاب عارضا؛ لأنه يحول دون أشعة الشمس، ومنه قوله تعالى:(فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)[الأحقاف: 24].
ومنه اعتراضات الفقهاء؛ لأنها تمنع التمسك بالدليل، وتعارض البينات لأن كل واحدة تعترض الأخرى وتمنع نفوذها.
ولعل سبيل التمانع بين الشيئين هو ظهورهما وبروزهما لبعضهما.
اصطلاحا:
قال الشيخ: (واصطلاحاً: تقابل الدليلين بحيث يخالف أحدهما الآخر).
قوله: (تقابل) جنس في التعريف يدخل فيه كل تقابل لأي شيئين أو كثر.
وقد اعترض البعض بأن التقابل مشترك حيث يستخدم بمعنى التدافع والتمانع أيضا، ولا يحسن استخدامه في التعريف.
أجيب عنه: بأن التقابل يلزم منه التدافع والتمانع؛ لأن الدليلين إذا تقابلا على محل واحد في وقت واحد وأحدهما ينفي ما يثبته الآخر فإنه يلزم من ذلك أن يدفع كل منهما الآخر، ويمنعه فيتدافعان ويتمانعان بعد تقابلهما فيكون التدافع والتمانع لازمان للتقابل، وعليه فلا يكون من قبيل المشترك، وبالتالي فلا يقدح في التعريف (1).
وعلى التسليم بكونه مشتركا فإن القيود أو الفواصل المذكورة في باقي الحد تزيل ما فيه من إجمال.
(1) انظر رسالة التعارض والترجيح في الأقيسة بين النظرية والتطبيق (ص/152).
قوله: (الدليلين) قيد يبين أن التقابل إنما يكون بين الدليلين ويخرج به التعارض بين غير الأدلة.
اعتراضان على هذا القيد:
الأول:
وقد اعترض البعض على التقييد بالدليلين فقط، فهو يشعر بمنع وقوع التعارض بين أكثر من دليل.
ويجاب عن ذلك بأن القيد ليس للحصر وإنما هو لبيان أقل ما يقع فيه التعارض، وهذا أولى من قولنا:(الأدلة) فقد يستفاد منها أن التعارض لا يكون بين دليلين على الخلاف في أقل الجمع.
الثاني:
واعترض على التعميم الذي في قوله: (الدليلين) بشموله للقطعي والظني من الأدلة، والصحيح في المذهب أن التعارض لا يكون بين الأدلة القطعية ولا بين القطعية والظنية، وقد وقع الخلاف في وقوعه بين الظنيين.
قال الشيخ العثيمين في "مجموع الفتاوى والرسائل"(4/ 49): (إذا قيل بالتعارض بين دليلين فإما أن يكونا قطعيين، أو ظنيين، أو أحدهما قطعيا والآخر ظنيا فهذه ثلاثة أقسام:
الأول: القطعيان: وهما ما يقطع العقل بثبوت مدلولهما، فالتعارض بينهما محال، لأن القول بجواز تعارضهما يستلزم إما وجوب ارتفاع أحدهما وهو محال، لأن القطعي واجب الثبوت، وإما ثبوت كل منهما مع التعارض وهو محال أيضا، لأنه جمع بين النقيضين.
فإن ظن التعارض بينهما فإما أن لا يكونا قطعيين، وإما أن لا يكون بينهما تعارض بحيث يحمل أحدهما على وجه، والثاني على وجه آخر، ولا يرد على ذلك ما يثبت نسخه من نصوص الكتاب والسنة القطعية، لأن الدليل المنسوخ غير قائم فلا معارض للناسخ.
الثاني: أن يكونا ظنيين إما من حيث الدلالة، وإما من حيث الثبوت فيطلب
الترجيح بينهما ثم يقدم الراجح.
الثالث: أن يكون أحدهما قطعيا، والآخر ظنيا، فيقدم القطعي باتفاق العقلاء، لأن اليقين لا يدفع بالظن).
قال ابن قدامة في " روضة الناظر"(ص / 387): (ولا يتصور التعارض في القواطع إلا أن يكون أحدهما منسوخا، ولا يتصور أن يتعارض علم وظن لأن ما علم كيف يظن خلافه وظن خلافه شك فكيف يشك فيما يعلم).
قال الشنقيطي في "المذكرة"(ص/292): (وأعلم أن التعارض لا يكون بين قطعيين ولا بين قطعي وظني وإنما يكون بين ظنيين فقط.
وأعلم أن تعادل الدليلين الظنيين بحسب ما يظهر للمجتهد جائز اتفاقاً، أما تعادلهما في نفس الأمر فاختلف فيه فنقل الإمام أحمد والكرخي أنه لا يمكن تعادلهما في نفس الأمر وصححه صاحب جمع الجوامع، والأكثرون على جوازه، ومنهم من قال: هو جائز غير واقع).
وقال المرداوي في " التحبير"(8/ 4126): (التعادل بين قطعيين ممتنع قطعا سواء كانا عقليين أو نقليين، أو أحدهما عقليا والآخر نقليا؛ إذ لو فرض ذلك لزم اجتماع النقيضين، أو ارتفاعهما، وترجيح أحدهما على الآخر محال فلا مدخل للترجيح في الأدلة القطعية؛ لأن الترجيح فرع التعارض ولا تعارض فيها فلا ترجيح
…
ومثل ذلك القطعي والظني، أعني أنه لا تعادل بينهما ولا تعارض لانتفاء الظن؛ لأنه يستحيل وجود ظن في مقابلة يقين خلافه، فالقاطع هو المعمول به والظن لغو، وكذلك لا يتعارض حكم مجمع عليه مع حكم آخر ليس مجمعا عليه.
قوله: {وكذا ظنيان عند أحمد، وأكثر أصحابه، والكرخي، وبعض الشافعية
…
، وقال القاضي وابن عقيل والأكثر: يجوز تعادلهما كما في نظر المجتهد اتفاقا وحكي عن أحمد}).
وقال علوي الشنقيطي في "نشر البنود"(2/ 514) شارحا قوله في المراقي:
والاعتدال جائز في الواقع ........
يعني: أن تعادل الدليلين الظنيين في الواقع أي في نفس الأمر جائز عند الأكثر، والمراد بالتعادل تنافيهما على حكمين متناقضين مع اتحاد الفعل من غير مرجح
لأحدهما على الآخر إذ لا محذور في ذلك.
وقال الإمام أحمد والكرخي من الحنفية بالمنع حذرا من التعارض في كلام الشارع، وإنما اشترطنا في الظنيين عدم المرجح لأحدهما ولم نشترطه في القطعيين لأن القطعيين لا يمكن الترجيح فيهما ولا التأويل.
...... كما يجوز عند ذهن السامع
يعني: أن التعادل بين الظنيين في ذهن السامع لهما وهو المجتهد جائز وواقع اتفاقا وهو منشأ تردده).
والمقصود هنا مجرد التنبيه على وقوع الخلاف في التعارض بين الظنيين دون غيرهما مما كانا قطعيين، أو أحدهما قطعي، والآخر ظني، وسوف يأتي - بإذن الله - الترجيح في مسألة وقوع التعارض بين الظنيين.
- قوله: (بحيث يخالف أحدهما الآخر) قيد ثان يبين أن التقابل بين الأدلة إنما يكون على وجه مخالفة أحدهما للآخر وقد عبر المرداوي وغيره هذا القيد بقوله: (على سبيل الممانعة).
وفي هذا القيد إطلاق للمخالفة فيصح أن تكون حقيقية، أو صورية أي في الظاهر فقط (من وجهة نظر المجتهد).
وبتعبير أخر يصح أن تكون كلية أو جزئية كالتعارض بين العام والخاص والمطلق والمقيد.
وسوف يأتي ما في هذا الإطلاق وأحوال تقييده قريبا - بإذن الله -.
قال الشيخ في "الأصل"(ص/80): (لكن لا يمكن التعارض بين النصوص في نفس الأمر على وجه لا يمكن فيه الجمع، ولا النسخ، ولا الترجيح؛ لأن النصوص لا تتناقض، والرسول صلى الله عليه وسلم قد بيّن وبلّغ، ولكن قد يقع ذلك بحسب نظر المجتهد لقصوره. والله أعلم).
وقال في "مجموع الفتاوى والرسائل"(8/ 85): (لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله وكلام رسوله الذي صح عنه أبدًا؛ لأن الكل حق، والحق لا يتعارض، والكل من عند الله، وما عند الله تعالى لا يتناقض (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[النساء: 82]؛ فإن وقع ما يوهم التعارض في فهمك؛ فاعلم أن