الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الأحكام الشرعية
قال الشيخ: (تنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين: تكليفية ووضعية.
فالتكليفية خمسة: الواجب والمندوب والمحرَّم والمكروه والمباح).
الواجب، المندوب، وما ذكره الشيخ ليست هي الأحكام التكليفية لا على طريقة جمهور الأصوليين ولا على طريقة الفقهاء، وإنما هي الأفعال التي تعلق بها أثر الحكم الشرعي كما سبق التنبيه على ذلك وسيأتي - بإذن الله - مزيد بيان له.
تنبيه - هل يصح إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية
؟
بيان وجه المنع من إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية.
كون الأحكام الشرعية تسمى تكليفا وتعليل ذلك بأن فيها كلفة ومشقة ليس المقصود من ذلك أن جميع الأحكام الشرعية فيها مشقة أو أن ذلك شرط لكي يصح نسبتها للشرع، وإنما غالب الأحكام قرة للعيون وسرور للقلب ولذات للأرواح وكمال للنعيم ومن تأمل قوله صلى الله عليه وسلم (أرحنا بها يا بلال) علم مقصود ذلك.
وعليه فلا يصح إطلاق القول بأن كلها مشقات فهذا الإطلاق مخالف لما نفاه الله سبحانه من الحرج والضيق عن هذا الدين.
كما أن الله سمى الأحكام شرعة ومنهاجا ونور ووصفها بأنها رحمة ويسر وتيسيرا.
ولتعلم أن إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية أول من استعمله المعتزلة إذ أن من أصولهم أن الثواب والعقاب لا يترتب إلا على عمل فيه مشقة وكلفة بل متى لم يكن العمل شاقا لم يستحق صاحبه ثوابا أصلا ولهذا جعلوا الأحكام كلها من باب التكليف.
إنني لا أنفي أن بعض الأحكام تسمى تكليفا وفيها مشقة على النفس كالجهاد) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وهذه المشقة تكون معتادة قدر وسع المكلف. إلا أن الإنكار جاء على تعميم ذلك وجعل المشقة شرطا للتكليف وأن الشريعة كلها مشقات وأن المشقة والمضرة جهة لوجوب الفعل، ومن الآثار السلبية لقولهم إنكار كون المباح من الأحكام الشرعية وللرد عليهم مجال
آخر ليس هذا محله وإنما الغرض التنبيه على أصلهم وبيان فساده.
قال تقي الدين ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(1/ 25): (نفس الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلاله هو غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه كما عليه أهل الإيمان وكما دل عليه القرآن لا كما يقول من يعتقد من أهل الكلام ونحوهم إن عبادته تكليف ومشقة وخلاف مقصود القلب لمجرد الامتحان والاختبار أو لأجل التعويض بالأجرة كما يقوله المعتزلة وغيرهم فإنه وإن كان في الأعمال الصالحة ما هو على خلاف هوى النفس والله سبحانه يأجر العبد على الأعمال المأمور بها مع المشقة كما قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ) الآية [التوبة: 120] وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة: (أجرك على قدر نصبك) فليس ذلك هو المقصود الأول بالأمر الشرعي وإنما وقع ضمنا وتبعا لأسباب.
ولهذا لم يجئ في الكتاب والسنة وكلام السلف إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح أنه تكليف كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة والمتفقهة وإنما جاء ذكر التكليف في موضع النفي كقوله: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: 286]، (لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) [النساء: 84]، (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) [الطلاق: 7] أي وإن وقع في الأمر تكليف فلا يكلف إلا قدر الوسع لا أنه يسمى جميع الشريعة تكليفا مع أن غالبها قرة العيون وسرور القلوب ولذات الأرواح وكمال النعيم وذلك لإرادة وجه الله والإنابة إليه وذكره وتوجه الوجه إليه فهو الإله الحق الذي تطمئن إليه القلوب ولا يقوم غيره مقامه في ذلك أبدا قال الله تعالى: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[مريم: 65]).
وقال الشيخ العروسي في "المسائل المشتركة"(ص/86): (أطلق الأصوليون والفقهاء على أوامر الله سبحانه ونواهيه بأنها تكاليف، وسموا الأحكام الشرعية بالأحكام التكليفية. ثم قال بعضهم في تعريف التكليف: بأنه إرادة المكلف من المكلف فعل ما يشق عليه، فلزم من ذلك أن الأحكام الشرعية خطاب الشارع بما فيه مشقة على المخاطب.
وإطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية، قول مستحدث، وأول من استعمل هذا الإطلاق المعتزلة، إذ أن من أصولهم أن الثواب والعقاب لا يترتب إلا