الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه فالأولى أن نستبدل كلمة الشيء بقولنا مثلا: المراد.
الحد يدخل فيه التقليد:
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة "(1/ 171): (والذي فهم من كلام فخر الدين في أثناء تقسيم ذكره: أن العلم هو الحكم الجازم المطابق لموجب.
فالحكم، هو إسناد الذهن أمرا إلى آخر بإيجاب أو سلب، كقولنا: العالم محدث أو ليس بقديم، والجازم: القاطع الذي لا تردد فيه، وبه يخرج الظن والشك والوهم، والمطابق: الموافق لما في نفس الأمر، وهو معنى قول غيره: والأمر في نفسه كذلك، وبه يخرج الجهل المركب، وهو الحكم الجازم غير المطابق، كقول القائل: زيد في الدار، وليس فيها، وقوله: لموجب، أي: لمدرك، استند الحكم إليه من عقل أو حس أو ما تركب منهما، وهو احتراز عن اعتقاد المقلد المطابق، فإنه حكم جازم مطابق وليس بعلم، لأنه ليس لموجب) (1).
وعليه فلابد من إضافة هذا القيد، وهو (لموجب).
هل يدخل ما يدرك بالحواس في التعريف
؟
تمهيد:
قال الشنقيطي في "آداب البحث والمناظرة"(ص/8): (اعلم أن العلم الحادث ينقسم أربعة أقسام، لأنه إما علم تصور، وإما علم تصديق، وكل واحد منهما إما ضروري، وإما نظري، فالمجموع أربعة من ضرب اثنين في اثنين.
الأول: علم تصور ضروري.
الثاني: علم تصور نظري.
والثالث: علم تصديق ضروري.
والرابع: علم تصديق نظري.
واعلم أن علم التصور في الاصطلاح هو إدراك معنى المفرد من غير تعرض لإِثبات شيء له، ولا لنفيه عنه كإدراك معنى اللذة، والألم، ومعنى المرارة، ومعنى الحلاوة، وإدراك معنى الإِنسان، ومعنى الكاتب، فإدراك كل مفرد مما ذكرنا ونحوه
(1) انظر الإبهاج (1/ 30).
أي فهم المعنى المراد به ذلك المفرد من غير تعرض لإثبات شيء، وأما علم التصديق فهو إثبات أمر لأمر بالفعل، أو نفيه عنه بالفعل، وتقريبه للذهن. فلو قلت مثلاً، الكاتب إنسان، فإدراكك معنى الكاتب فقط علم تصور وإدراكك معنى الإِنسان فقط علم تصور، وإدراكك كون الإِنسان كاتباً بالفعل، أو ليس كاتباً بالفعل، هو المسمى بالتصديق. وإنما سمي تصديقاً لأنه خبر، والخبر بالنظر إلى مجرد ذاته يحتمل التصديق والتكذيب
فسموه تصديقاً، تسمية بأشرف الاحتمالين).
وقد اختلف العلماء في المقصود بالعلم هل هو المعنى الأعم المنقسم إلى التصور والتصديق، أو العلم بالمعنى الأخص الذي هو قسم من أقسام التصديق (1)، فمن قال بالأول أدخل فيه المحسوس، ومن قال بالثاني لم يدخله في الحد.
قال المرداوي في "التحبير"(1/ 223): (ثم اختلفوا بعد ذلك: هل يدخل إدراك الحواس فيما لا يحتمل النقيض؟ وهل هو من العلم أم لا؟ والصحيح عدم الدخول، فلذلك قلنا:{فلا يدخل إدراك الحواس خلافاً للأشعري وجمع}
…
قال ابن قاضي الجبل: (عند الأشعري أن إدراك الحواس نوع من العلم)، قال:(وفيه نظر لجواز غلط الحس). قال الأصفهاني بعد كلام الأشعري: (ولقائل أن يقول: هذا الحد إما أن يكون للعلم بالمعنى الأخص الذي هو قسم من التصديق، أو يكون للعلم بالمعنى الأعم، المنقسم إلى التصور والتصديق، فإن كان للثاني فقيد: (لا يحتمل النقيض) غير صحيح؛ لأن الظنون والاعتقادات علم بهذا المعنى وهما يحتملان النقيض، وأيضاً التصورات الساذجة - وهو حصول صورة الشيء من غير كون اعتباره مطابقاً أو غير مطابق - علم بهذا المعنى، ولم يعتبر عدم احتمال النقيض فيه. وإن كان الأول؛ فلا نسلم اندراج إدراك الحواس تحت الحد؛ لأن إدراك الحسي من قبيل التصورات) انتهى. وقال القطب الشيرازي في ' شرح المختصر ': (في دخوله نظر؛ لأنا لا نسلم أن إدراك الحواس مما يوجب تمييزاً لا يحتمل النقيض؛ لأن الحس قد يدرك الشيء لا على ما هو عليه، كالمستدير مستوياً،
(1) انظر بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 48).