الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمحظور: ما اقتضى تركه اقتضاء جازما.
والمكروه: ما اقتضى تركه اقتضاء غير جازم.
وهذه الأشياء هي محال الأحكام ومتعلقاتها، أما الأحكام نفسها فهي:
الإيجاب: وهو اقتضاء الفعل الجازم.
والندب: وهو اقتضاء الفعل غير الجازم.
والحظر والكراهة جميعا: اقتضاء ترك الفعل الجازم، أو غير الجازم
…
).
التنبيه الرابع
(1):
هذا التعريف الذي ذكره الشيخ للواجب تعريف بالحد الحقيقي، وقد خالف الشيخ هنا المشهور في المذهب من التعريف للواجب بالحد الرسمي.
وقد اختار ابن مفلح، وتبعه المرداوي وابن النجار في تعريف الواجب بأنه:"ما ذم تاركه شرعًا قصدًا مطلقًا". وهذا التعريف جيد إلا أنه تعريف رسمي لا حقيقي.
قال ابن النجار في شرح هذا التعريف في "شرح الكوكب"(1/ 346): (فالتعبير بلفظ " ما ذم " خير من التعبير بلفظ " ما يعاقب " لجواز العفو عن تاركه (2).
وقولنا " شرعا " أي ما ورد ذمه في كتاب الله سبحانه وتعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو في إجماع الأمة، ولأن الذم لا يثبت إلا بالشرع خلافا لما قالته
(1) راجع الفرق بين الحد الحقيقي والرسمي.
(2)
وقد بيَّن الطوفي في شرح المختصر الفرق بين الذم والعقاب، فقال (1/ 272):(كل معاقب أو متوعد بالعقاب على الترك مذموم، أي: يستحق الذم، وليس كل مذموم معاقبا، أو متوعدا على الترك، لجواز أن يقال: صل أو صم. فإن تركت، فقد أخطأت وعصيت ولا عقاب عليك، لأن العقاب موضوع شرعي، فللشرع أن يضعه له، وله أن يرفعه، والذم هو العيب، وهو نقيض المدح والحمد، يقال: ذمه يذمه: إذا عابه، والعيب: النقص. فكان الذم نسبة النقص إلى الشخص، فقولنا: " ما ذم "، أي: ما عيب " شرعا "، أي: احتراز مما عيب عقلا أو عرفا، وكثير من الأفعال يذم فاعله عرفا لا شرعا، فلا يكون واجبا، لأن الاعتبار بالذم الشرعي). ومن هنا تعرف ما في كلام الشيخ عطاء بن عبد اللطيف في شرحه لرسالة الأصول من علم الأصول من تعقبه على هذا التعريف بأنه فيه جزم بالذم، واختار أن الأولى تقييده بالاستحقاق فيقال: (ما يستحق الذم تاركه
…
) فإنه سوى بين الذم والعقاب.
المعتزلة، واحترز به عن المندوب والمكروه والمباح، لأنه لا ذم فيها.
وقوله " تاركه " احترز به عن الحرام فإنه لا يذم إلا فاعله.
وقوله: " قصدا " فيه تقديران موقوفان على مقدمة، وهو أن التعريف إنما هو بالحيثية، أي الذي بحيث لو ترك لذم تاركه؛ إذ لو لم يكن بالحيثية لاقتضى أن كل واجب لا بد من حصول الذم على تركه، وهو باطل.
إذا علم ذلك فأحد التقديرين: أنه إنما أتى بالقصد؛ لأنه شرط لصحة هذه الحيثية؛ إذ التارك لا على سبيل القصد لا يذم.
الثاني: أنه احترز به عما إذا مضى من الوقت قدر فعل الصلاة ثم تركها بنوم أو نسيان، وقد تمكن، ومع ذلك لم يذم شرعا تاركها، لأنه ما تركها قصدا.
فأتى بهذا القيد لإدخال هذا الواجب في الحد، ويصير به جامعا.
وقوله " مطلقا " فيه تقديران أيضا موقوفان على مقدمة، وهي أن الإيجاب باعتبار الفاعل قد يكون على الكفاية وعلى العين، وباعتبار المفعول قد يكون مخيرا كخصال الكفارة، وقد يكون محتما، كالصلاة أيضا وباعتبار الوقت المفعول فيه قد يكون موسعا كالصلاة وقد يكون مضيقا كالصوم.
فإذا ترك الصلاة في أول وقتها صدق أنه ترك واجبا إذ الصلاة تجب بأول الوقت، ومع ذلك لا يذم عليها إذا أتى بها في أثناء الوقت.
ويذم إذا أخرجها عن جميعه، وإذا ترك إحدى خصال الكفارة، فقد ترك ما
يصدق عليه أنه لا ذم فيه إذا أتى بغيره.
وإذا ترك صلاة جنازة فقد ترك ما صدق عليه أنه واجب عليه، ولا يذم عليه إذا
فعله غيره.
إذا علم ذلك فأحد التقديرين أن قوله مطلقا " عائد إلى الذم.
وذلك أنه قد تلخص أن الذم على الواجب الموسع على المخير وعلى الكفاية من وجه دون وجه.
والذم على الواجب المضيق والمحتم والواجب على العين من كل وجه.
فلذلك قال " مطلقا " ليشمل ذلك كله بشرطه، ولو لم يذكر ذلك لورد عليه من ترك شيئا من ذلك.
والتقدير الثاني: أن " مطلقا " عائد إلى الترك، والتقدير تركا مطلقا ليدخل المخير والموسع وفرض الكفاية.
فإنه إذا ترك فرض الكفاية لا يأثم، وإن صدق أنه ترك واجبا وكذلك الآتي به آت بالواجب، مع أنه لو تركه لم يأثم.
وإنما يأثم إذا حصل الترك المطلق منه ومن غيره.
وهكذا في الواجب المخير والموسع.
ودخل فيه أيضا الواجب المحتم والمضيق وفرض العين، لأن كل ما ذم الشخص عليه إذا تركه وحده ذم عليه أيضا إذا تركه هو وغيره).
وهناك تعريفات أخرى رسمية منقوضة بعدم الجمع أو المنع، وهذا أولاها.
وقد أعرض الشيخ هنا عن هذا التعريف وقد ذكر في شرح نظم الورقات أنه معيب على طريقة المناطقة فقال (ص/28) معقبا على تعريف العمريطي للواجب بقوله:
فالواجب المحكوم بالثواب
…
في فعله والترك بالعقاب
: (عرَّف المؤلف رحمه الله الواجب بحكمه لا بحقيقته، والتعريف بالحكم معيب عند المناطقة جائز عند الفقهاء
…
فالمناطقة يقولون:
وعندهم من جملة المردود
…
أن تدخل الأحكام في الحدود
فالمناطقة يقولون: عرِّف الشيء بماهيته لا بحكمه
…
الواجب في الاصطلاح باعتبار التعريف الذاتي هو: ما أُمر به على وجه الإلزام بالفعل).
وقال الشيخ عبد الحميد في "لطائف الإشارات"(ص/10) على تعريف العمريطي: (فالثواب على الفعل والعقاب على الترك أمر لازم للواجب من حيث وصفه بالوجوب وليس هو حقيقة الواجب فهذا تعريف رسمي فيصح باللازم).
ولعل الشيخ العثيمين قد تأثر بشيخه الشنقيطي في تعريفه للواجب حيث قال الشنقيطي في "المذكرة"(ص/8): (وان شئت قلت في حد الواجب (ما أُمر به أمرا حازما). وزاد الشيخ عليه قيد (الشارع) للتنصيص على أن المقصود حد الأحكام الشرعية ومنع إيهام دخول الأحكام العقلية ونحوها في التعريف.
بقي أن نشير إلى تعريف ابن عقيل للواجب حيث عرفه بأنه إلزام الشرع، وذكر