الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاعله فصار معنى الجملة في تعريف التقليد: إتباع المجتهد الذي ليس قوله حجة، وحذف المفعول مع تعلق الغرض بذكره لعدم الدلالة عليه، فأصبحت الجملة غير تامة كما أنها قد توهم معنى فاسدا فقد جعلت أن المجتهد هو الذي يتبع.
والصواب أن المصدر مضاف إلى مفعوله الذي هو المقلد فهو الذي يتبع المجتهد الذي قوله ليس بحجة كما هو ظاهر عبارة الشيخ العثيمين رحمه الله.
قيود أخرى ومناقشتها:
زاد الشيخ الشثري في رسالته "التقليد وأحكامه"(ص/29) بعض القيود
الأخرى، فعرف التقليد بقوله:(التزام المكلف في حكم شرعي مذهب من ليس قوله حجة في ذاته).
ثم بين محترزات التعريف فقال: (قولنا: التزام: جنس في التعريف.
قولنا: المكلف؛ ليشمل الرجال والنساء، وغير المكلف لا عبرة به في الأحكام التكليفية
…
قولنا: مذهب؛ ليشمل القول والعمل والاعتقاد، ويخرج عمل القاضي بقول الشهود.
قولنا: من، اسم موصول).
(التزام):
والتزام فيه معنى الثبوت والدوام والوجوب، قال الفيومي في "المصباح" مادة (ل ز م): (لَزِمَ الشَّيْءُ يَلْزَمُ لُزُومًا ثَبَتَ وَدَامَ، وَلَزِمَهُ الْمَالُ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَجَبَ حُكْمُهُ
…
).
وقد اختلف العلماء في حكم التقليد ومن الذي يقلد، في حكم تكرار السؤال عن تكرر الحادثة، وقد اختار الشيخ الشثري أن التقليد واجب وهو في حق العامي للمجتهد، وأنه لا يجب تكرر السؤال، وهذه المعاني توافق معنى اللزوم الذي اختاره في تعريف التقليد، ومن خالف في احد المعاني السابقة فلا يصلح هذا المعنى له، ويكون لفظ الإتباع أولى.
وعليه فبناء على ما سبق، ومراعاة لمن فرق بين الإتباع والتقليد، فالأولى تعريف التقليد بأنه التزام، وإن كان يصح تعريفه بأنه إتباع.
المكلف:
وهنا إشكال وهو من يصح أن يقع منه التقليد، هل يصح من العامي فقط أم يصح من المجتهد في باب، أو من المجتهد المطلق عند ضيق الوقت، أو فيما يخصه، وقد سبق بيان أن المجتهد المطلق لا يقلد مطلقا، وأن المجتهد في باب فهو كالعامي في غيره من الأبواب ويقلد فيها، وأن المتبع - على فرض صحة هذا التقسيم - كالعامي من ناحية عين سؤاله للمجتهد.
وعليه فأصبح عندنا أن التقليد محصور في العامي، والمتبع (1) الذي قد يفهم الحجة ويعرف الدليل ولكنه في نفس الوقت ليس عنده القدرة على الاستقلال بفهم الأدلة واستنباط الأحكام منها وقد لا يكون قادراً على دفع الشُّبَه عن الدليل والجواب عن أدلة القول الآخر. فلابد من تخصيص المكلف بما يفيد ذلك، كقولنا:(من غير معرفة رجحان دليله)(2)، فيدخل فيه العامي من باب أولى.
مذهب:
قولنا: مذهب؛ ليشمل القول والعمل والاعتقاد، ويخرج عمل القاضي بقول الشهود.
قال الشيخ عبدالله عمر الشنقيطي في رسالته "التقليد في الشريعة الإسلامية"(ص/13): (المذهب في إصطلاح الأصوليين: هو الرأي الصادر عن اجتهاد صحيح.
فيشمل القول الصادر عن المجتهد في مسألة من مسائل الفقه، أو في مسألة من مسائل أصول الدين على رأي من يرى التقليد فيها، وكذلك يشمل الفعل كأن يفعل المجتهد عباده أو معاملة فإن فعله يدل على أن هذا رأيه. ولا يشمل ذلك تقريره غيره على فعل صدر منه إذا لم يقترن بما يدل على الرضى لجواز أن يكون ما فعله العامي مذهبا لغير ذلك المجتهد
…
).
(1) وهذا بناء على اختيارنا أن القسمة ثنائية، وأما من يرى أن القسمة ثلاثية فلا يدخل عنده المتبع في حد التقليد، فيخصصه بالعامي فقط، وأما من يرى أن المجتهد يقلد عند ضيق الوقت كالشيخ العثيمين فلابد وأن يخصصه بما يفيد ذلك، وهكذا.
(2)
انظر "أصول الفقه" للشيخ عياض السلمي (ص/477).