الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجة الوداع فهذا مرسل لكن لا يقال إنه مقبول كمراسيل الصحابة لأن رواية الصحابة إما أن تكون عن النبي أو عن صحابي آخر والكل مقبول واحتمال كون الصحابي الذي أدرك وسمع يروي عن التابعين بعيدا جدا بخلاف مراسيل هؤلاء فإنها عن التابعين بكثرة فقوى احتمال أن يكون الساقط غير الصحابي وجاء احتمال كونه غير ثقة) (1).
وبعد .. فالمذهب فيه روايتان في قبول الحديث المرسل، ومرسل هؤلاء يتميز على مرسل التابعين بأنهم عدول، وطبقتهم فوق طبقة كبار التابعين، وعليه فالراجح عندي قبول هذا النوع بشرط أن يعتضد مرسلهم بمجيئه من وجه آخر يباين الطريق الأولى مسندا كان أو مرسلا؛ ليترجح احتمال كون المحذوف ثقة في نفس الأمر.
المقطوع:
تعريف المقطوع:
قال الشيخ رحمه الله: (المقطوع: ما أضيف إلى التابعي فمن بعده).
قال المناوي في "اليواقيت والدرر"(2/ 224): (المقطوع وهو: ما ينتهي
إلى التابعي قولا وفعلا ومن دون التابعي كذلك من أتباع التابعين فمن بعدهم فيه
- أي التسمية - مثله - أي (مثل) ما ينتهي إلى التابعي).
وإقرار التابعي فمن دونه ليس بحجة.
تعريف التابعي:
قال الشيخ رحمه الله: (التابعي: من اجتمع بالصحابي مؤمناً بالرسول صلى الله عليه وسلم ومات على ذلك).
وقال في "الشرح"(ص/471): (وظاهر كلام العلماء أنه لا تشترط طول الصحبة بين التابعي والصحابي، وأنه لو جلس معه ساعةً أو ساعتين ثم فارقه ولم يره بعد ذلك فهو تابعي).
وتعريف الشيخ واضح في اشتراطه الاجتماع دون الصحبة، وأن يكون مؤمنا، وهو موافق لتعريف الحافظ ابن حجر.
(1) انظر: تدريب الراوي (1/ 196)، اليواقيت والدرر (1/ 506)، توجيه النظر إلى أصول الأثر (2/ 561).
فقد عرف الصحابي في النزهة (ص/ 51) بقوله: (من لقي النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام، ولو تخللت ردة؛ في الأصح. والمراد باللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه، وتدخل فيه رؤية أحدهما الآخر، سواء كان ذلك بنفسه أو بغيره).
ثم قال في تعريف التابعي (ص/52): (التابعي: وهو من لقي الصحابي كذلك، وهذا متعلق باللقي، وما ذكر معه؛ إلا قيد الإيمان به؛ فذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا هو المختار؛ خلافا لمن اشترط في التابعي طول الملازمة، أو صحبة السماع، أو التمييز).
ومقصود الحافظ أن الإيمان خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم يعني لا يصح أن نقول في التعريف: (لقى الصحابي مؤمنا به) بل نقول مؤمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فالإيمان خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقد فهم البعض أن معنى عبارته أنه لا يشترط في التابعي أن يكون مسلما وقت اجتماعه بالصحابي. قال المناوي في "اليواقيت والدرر"(2/ 217 (: (التابعي، وهو: من لقى الصحابي كذلك، وهذا متعلق باللقي. وما ذكر معه إلا قيد الإيمان به فذلك خاص بالنبي. وقال الكمال ابن أبي شريف: قوله خاص بالنبي أي فإنه لا يشترط في التابعي أن يكون وقت تحمله عن الصحابي مؤمنا، بل لو كان كافرا ثم أسلم بعد موت الصحابي وروى سميناه تابعيا وقبلناه. انتهى).
وهذا خطأ في فهم عبارة الحافظ وعبارته لا تحتمله، فلو أراد الحافظ هذا المعنى لقال: قيد الإيمان خاص بتعريف الصحابي (1).
وقول أبو سعيد رضي الله عنه في الحديث الذي رواه مسلم: (فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون نعم فيفتح لهم) يدل على الاكتفاء بمجرد رؤية الصحابي ليحكم له بأنه تابعي.
وقال العراقي في " التقييد والإيضاح"(1/ 317): (الراجح الذي عليه العمل قول الحاكم وغيره في الاكتفاء بمجرد الرؤية دون اشتراط الصحبة وعليه يدل عمل أئمة
(1) انظر شرح علي القاري للنزهة (ص/595)، حاشية لقط الدرر (ص/166).
الحديث مسلم بن الحجاج وأبى حاتم بن حبان وأبى عبد الله الحاكم وعبد الغنى بن سعيد وغيرهم وقد ذكر مسلم بن الحجاج في كتاب الطبقات سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين وكذلك ذكره ابن حبان فيهم، وقال إنما أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لقيا وحفظا رأى أنس بن مالك وإن لم يصح له سماع المسند عن أنس وقال على بن المدينى لم يسمع الأعمش من أنس إنما رآه رؤية بمكة يصلى خلف المقام فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشى عن أنس، وقال يحيى بن معين كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل وقد أنكر على أحمد بن عبد الجبار العطاردى حديثه عن فضيل عن الأعمش قال رأيت أنسا بال فغسل ذكره غسلا شديدا ثم توضأ ومسح على خفيه فصلى بنا وحدثنا في بيته وقال الترمذي لم يسمع من أحد من الصحابة وأما رواية الأعمش عن عبد الله بن أبى أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخوارج كلاب النار فهو مرسل فقد قال أبو حاتم الرازى أنه لم يسمع من ابن أبى أوفى وهذا الحديث وإن رواه إسحق الأزرق عنه هكذا كما رواه ابن ماجه في سننه فقد رواه عبيد الله بن نمير عن الأعمش عن الحسين بن واقد عن أبى غالب عن أبى أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس للأعمش رواية عن أحد من الصحابة في شيء من الكتب الستة إلا هذا الحديث الواحد عند ابن ماجه وكذلك عد عبدالغنى بن سعيد الأزدى الأعمش في التابعين في جزء له جمع فيه من روى من التابعين عن عمرو بن شعيب وكذلك عد فيهم أيضا يحيى بن أبى كثير لكونه لقى أنسا وقد قال أبو حاتم الرازى أنه لم يدرك أحدا من الصحابة إلا أنس بن مالك فانه رآه رؤية ولم يسمع منه كذا قال البخارى وأبو زرعة قال أبو زرعة وحديثه عن أنس مرسل. قلت في صحيح مسلم روايته عن أبى أمامة عن عمرو بن عنبسة لحديث إسلامه ولكن مسلما قرن رواية يحيى بن أبى كثير مع رواية شداد أبى عمار وكان اعتماد مسلم على رواية شداد فقط فانه قال فيه قال عكرمة ولقى شداد أبا أمامة فذكره وسكت عن رواية يحيى بن أبى كثير عن أبى أمامة وهى بصيغة العنعنة والله أعلم.
وذكر عبد الغنى بن سعيد أيضا جرير بن حازم في التابعين لكونه رأى أنسا، وقد روى عن جرير أنه قال مات أنس ولى خمس سنين وذكر عبد الغنى بن سعيد أيضا
موسى بن أبى عائشة في التابعين لكونه لقى عمرو بن حريث. وقال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث في النوع الرابع عشر هم طبقات خمس عشرة طبقة آخرهم من لقى أنس بن مالك من أهل البصرة ومن لقى عبد الله من أبى أوفى من أهل الكوفى ومن لقى السائب بن يزيد من أهل المدينة إلى آخر كلامه.
ففي كلام هؤلاء الأئمة الاكتفاء في التابعي بمجرد رؤية الصحابي ولقيه له دون اشتراط الصحبة
…
).
قال الطرهوني: (ولعلَّ اعتبارَ الرؤيةِ قولٌ أقوى وأرجح، للحديث الذي ذكرناه في تعريف الصحابي، وهو حديث الغزو السابق الذي فيه: (يغزو فئامٌ من الناس
…
فيقال لهم: هل فيكم من رأى من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهذا الحديث العظيم اعتُبِرَ فيه رؤيةُ من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الحقيقة مرتبطٌ بشرف رؤيتِه صلى الله عليه وسلم لأن من رآه شرُفَ برؤيته؛ وكذلك من رأى من رآه فقد شرف برؤية من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتبار الرؤية لعله أقوى وأرجح).
فرع - هل يشترط أن يكون من لقى الصحابي مميزا حتى يحكم له بأنه تابعي؟
اشترط ذلك ابن حبان فقال في كتاب "الثقات"(6/ 270) في ترجمة خلف بن خليفة: (قال خلف بن خليفة: كنت في حجر أبى إذ مر رجل على بغل أو بغلة فقيل هذا عمرو بن حريث صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يدخل خلف بن خليفة في التابعين وإن كان له رؤية من الصحابة لأنه رأى عمرو بن حريث وهو صبي صغير ولم يحفظ عنه شيئا فان قال قائل: فلم أدخلت الأعمش في التابعين وإنما له رؤية دون رواية كما لخلف بن خليفة سواء؟ يقال له: إن الأعمش رأى أنسا بواسط يخطب والأعمش بالغ يعقل وحفظ منه خطبته ورآه بمكة يصلى عند المقام وحفظ عنه أحرفا حكاها فليس حكم البالغ إذا رأى وحفظ كحكم غير البالغ إذا رأى ولم يحفظ).
وقد سبق في مبحث تعريف الصحابي إلحاق محمد بن أبي بكر المولود قبل الوفاة النبوية بثلاثة أشهر وأيام برتبة الصحابة اصطلاحا، وهو وإن لم تصح نسبة الرؤية إليه ولكن صدق أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه ويكون صحابيا من هذه