الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الرابع:
قال الشيخ: (أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه).
يعني أنه يشترط أن يعرف المجتهد الأدلة الخاصة التي تخصص العام، والمقيدة التي تقيد الأدلة المطلقة، وقوله:(أو نحوه) فسره بقوله: (ما يرد على النصوص من الشرط والاستفهام وغير ذلك)(1).
وهذا الشرط يدخل في الشرط الأول الذي ذكره الشيخ، وله تعلق بالشرط التالي، فلا داعي لعده شرطا زائدا.
الشرط الخامس:
قال الشيخ: (أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ونحو ذلك).
تضمن كلام الشيخ اشتراط العلم بأصول الفقه، وبعض ما يحتاج إليه المجتهد من اللغة.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة"(3/ 581): (يشترط للمجتهد أن يعرف «من النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص وظاهر، ومجمل، وحقيقة ومجاز، وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ودليل خطاب ونحوه»، كفحوى الخطاب ولحنه ومفهومه، لأن بعض الأحكام يتعلق بذلك ويتوقف عليه توقفا ضروريا، كقوله عز وجل: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]، يختلف الحكم برفع (الجروح) ونصبها (2) كما سبق في أن شرع من قبلنا شرع لنا، وكقوله -
(1) شرح الأصول (ص/630).
(2)
قال محقق شرح الكوكب المنير (4/ 463): (قرأ نافع وعاصم والأعمش وحمزة بالنصب "والجروح قصاص"، وقرأها ابن كثير وعامر وأبو عمرو وأبو جعفر بالرفع، استئنافا عما قبلها، كما قرأها الكسائي وأبو عبيد بالرفع وعطف الجمل في الآية: "وكتبنا عليهم فيها: أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص"، ويختلف المعنى بحسب كل قراءة، قال ابن المنذر: "ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام يتضمن بيان الحكم للمسلمين" أي وليس مكتوبا في التوراة، ويلتزم به المسلمون جميعا، ويكون أول الآية من شرع من قبلنا، وفيه اختلاف بين الأئمة والعلماء).
عليه السلام -: " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " الرواية بالرفع وهو يقتضي أن الأنبياء لا يورثون مطلقا، ورواه الشيعة «صدقة» بالنصب (1) وهو يقتضي نفي الإرث عما تركوه للصدقة، ومفهومه أنهم يورثون غيره من الأموال، حتى إنهم بناء على ذلك ظلموا أبا بكر رضي الله عنه وشنعوا عليه بأنه منع فاطمة حقها، وكقوله عليه السلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رواه الشيعة بالنصب أبا بكر وعمر على النداء، أي: يا أبا بكر، فعلى رواية الجر هما مقتدى بهما، وعلى رواية النصب هما مقتديان بغيرهما، وكذلك قوله عليه السلام في حديث محاجة آدم وموسى: فحج آدم موسى برفع آدم على أنه فاعل وموسى مفعول، وعكس القدرية ذلك، فنصبوا آدم تصحيحا لمذهب القدر (2).
وقد فرق الفقهاء بين من يعرف العربية وغيره في مسائل كثيرة من باب الطلاق والإقرار على ما تقرر في كتب الفقه، وبنى محمد بن الحسن على قواعد العربية كثيرا من ذلك، كفرقه بين قول القائل: أي عبيدي ضربك فهو حر، وبين قوله: أي عبيدي ضربته، فهو حر، وذكر الجرجاني جملة من ذلك في كتاب مفرد، وذكرت كثيرا من ذلك في كتاب «الرد على منكري العربية» .
(1) قال العراقي في " طرح التثريب"(6/ 206): (هذه الرواية صريحة في الرد على بعض جهلة الشيعة حيث قال في الرواية التي سقناها من مسلم ما تركنا صدقة أنه بالنصب على أن ما نافية وهو غلط قبيح بل هو بالرفع وما موصولة وروايتنا صريحة في ذلك لقوله فيها فهو صدقة).
(2)
قال الشيخ العثيمين في شرح لمعة الاعتقاد (ص/162): (القدرية: وهم الذين يقولون بنفي القدر عن أفعال العبد، وأن للعبد إرادة وقدرة مستقلتين عن إرادة الله وقدرته، وأول من أظهر القول به معبد الجهني في أواخر عصر الصحابة تلقاه عن رجل مجوسي في البصرة.
وهم فرقتان غلاة، وغير غلاة، فالغلاة ينكرون علم الله، وإرادته، وقدرته، وخلقه لأفعال العبد وهؤلاء انقرضوا أو كادوا. وغير الغلاة يؤمنون بأن الله عالم بأفعال العباد، لكن ينكرون وقوعها بإرادة الله، وقدرته، وخلقه، وهو الذي استقر عليه مذهبهم).