الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند الله وأمثال هذا كثيرة ونحن نضرب مثلاً لهذه المسألة ونقول إن الأئمة رضي الله عنهم أبا حنيفة وأحمد والشافعي رحمهم الله الذين سخر ابن حزم من قياساتهم هم أولى بظواهر النصوص من ابن حزم، ونقول لابن حزم مثلاً: أنت قلت انك مع النصوص في الظاهر وقلت:
ألم تعلموا أني ظاهري وإني
…
على ما بدا حتى يقوم دليل
فهذا الإمام الشافعي الذي قال إن علة الربا في البر الطعم استدل بحديث ثابت في صحيح مسلم وهو حديث معمر بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم قال: (كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطعام بالطعام مثلاً بمثل). الحديث. فالإمام الشافعي فيما سخر منه ابن حزم أقرب لظاهر نصوص الوحي من ابن حزم وكذلك الإمام أبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى اللذان قالا إن علة الربا في البر الكيل استدلا كذلك بالحديث الصحيح، وكذلك الميزان لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين المكيلات وبين أن الربا حرام فيها قال: وكذلك الميزان.
والتحقيق أن وكذلك الموزونات مثل المكيلات، فجعل معرفة القدر علة للربا وقوله: وكذلك الميزان ثابت في الصحيحين
…
وهذا الحديث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كل ما يكال أو يوزن وهذا أقرب لظاهر نص النبي صلى الله عليه وسلم من ابن حزم الذي يسخر من الإمام أحمد وأبي حنيفة رحمهما الله.
الأدلة على جواز إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به:
والحاصل أن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق أمر لا شك فيه وأن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل. والله جل وعلا قد بين نظائر في القرآن يعلم بها إلحاق النظير والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى ذلك في أحاديث كثيرة.
فمن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم فقال له: (أرأيت لو تمضمضت) فهذا إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قياس القبلة على المضمضة بجامع أن القبلة مقدمة الجماع والمضمضة مقدمة للشرب فكل منهما مقدمة الإفطار وليس بإفطار ومحل كون القبلة كالمضمضة إذا كان صاحبها لا يخرج منه شيء أما إذا كانت القبلة تخرج منه شيئاً
فهو كالذي إذا تمضمض ابتلع شيئاً من الماء فحكمه حكمه.
وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث ثابتة متعددة في الصحيحين أنه سأله رجل مرة وامرأة مرة أنهما سألاه عن دين يقضيانه عن ميت لهما، مرة تقول مات أبي ومرة تقول أمي وكذلك الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى) فهو تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على قياس دين الله على دين الآدمي بجامع أن الكل حق مطالب به الإنسان وأنه يقضي عنه بدفعه لمستحقه. وأمثال ذلك كثيرة.
ومن أصرحها ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، كان الرجل أبيض وامرأة بيضاء فولدت له غلاماً أسود فأصاب الرجل فزعاً من سواد الغلام وظن أنها زنت برجل أسود وجاءت بهذا الغلام فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم منزعجاً وأخبره بأنها جاءت بولد أسود وكان يريد أن يلاعنها وينفي عنه الولد باللعان زعماً أن هذا الولد من زان أسود وأنه ليس ولده لأنه هو أبيض وزوجته بيضاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(هل لك من إبل؟) قال: نعم. قال: (ما ألوانها؟) قال حمر. قال: (هل فيها من أورق) والأورق المتصف بلون الورقة والورقة يكون لوناً كحمام الحرم يعني سواد مع بياض يكون في الإبل. قال الرجل إن فيها لورق. قال: (ومن أين جاءتها تلك الورقة؟) آباؤها حمر وأمهاتها حمر فمن أين جاءتها تلك الورقة؟ قال: لعل عرقاً نزعها. قال له: (وهذا الولد لعل عرقاً نزعه). فاقتنع الأعرابي وهذا إلحاق نظير بنظير.
وفي الجملة فنظير الحق حق ونظير الباطل باطل، وهذا مما لا شك فيه، وأن القياس منه قياس صحيح لا شك فيه كالأقيسة التي ذكرنا ومنه قياس فاسد، والقرآن ذكر بعض الأقيسة الفاسدة وبعض الأقيسة الصحيحة.
ومن الأقيسة الصحيحة في القرآن قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[آل عمران: 59]
…
الله جل وعلا قاس لهم هذا الولد على آدم بجامع أن آدم وجد ولم يكن له أم ولا أب خلق ولم يكن له أم ولا أب، فالذي خلق آدم ولم يكن أب ولا أم فهو قادر على أن يخلق عيسى من أم ولم