الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتراضات على هذا الحد:
1 -
استخدام "أو" التشكيكية وقد سبق بيان عدم جواز دخولها في الحد الحقيقي.
قال ابن النجار في شرح الكوكب (2/ 293): (وبمنافاة أو للتعريف؛ لأنها للترديد. فلهذا أتى الطوفي في مختصره وغيره بالواو).
2 -
قال شيخ الإسلام في الرد على المنطقيين (ص/81): (يقال إدخال الصدق والكذب أو التصديق والتكذيب في حد الخبر لا يصلح؛ لأنهما نوعا الخبر وتعريفهما إنما يمكن بالخبر فلو عرف الخبر بهما لزم الدور).
قال الطوفي في شرح مختصر الروضة (2/ 69): (وقد قيل في حده ما ذكرناه أولًا، وهو ما تطرق إليه التصديق والتكذيب، وقيل: ما يحتمل التصديق والتكذيب، وأورد عليه أن التصديق هو الإخبار عن كون الخبر صدقًا، أو كذبًا؛ فيكون تعريفًا للخبر بنفسه، وهو دور.
قلت: هذا سؤال قوي؛ لأن قول القائل: قام زيد، جملة خبرية، فإذا قال له السامع: كذبت أو صدقت؛ فقد أجابه بجملة خبرية أيضًا، وكلا الجملتين خبر؛ فلو عرفنا الأولى بتطرق الثانية إليها، عرفنا الخبر بتطرق الخبر عليه. فالأجود إذن في تعريف الخبر ما ذكره الآمدي، وهو أن الخبر هو:(اللفظ الدال بالوضع على نسبة معلوم إلى معلوم، أو سلبها عنه، مع قصد المتكلم به الدلالة على ذلك، على وجه يحسن السكوت عليه).
ومعنى تعريف الأمدي (1) أنه عرفه بأنه اللفظ، واللفظ بالنسبة للخبر جنس بعيد وكان الأولى أن يقول القول لأنه جنس قريب للخبر، يوضحه أن اللفظ أعم من القول فاللفظ يطلق على أي صوت اعتمد على مخرج الحروف بخلاف القول فهو اللفظ الموضوع لمعنى، وهو مقصوده هنا بقرينة باقي القيود التي ذكرها في التعريف.
وقوله (الدال بالوضع) يعني أن اللفظ دل على المعني ذاته بنفسه وقد احترز بذلك القيد عن أن يكون اللفظ دالا بجهة الملازمة وهي أن يكون المعنى من لوازم أو مقتضيات اللفظ - مثلا إن قلنا هذا الشراب مسكر، وعللناه بلازم الإسكار وهي
(1) انظر الإحكام (2/ 15).
الرائحة الفائحة الملازمة للشدة المطربة؛ لأن الرائحة ليست نفس العلة.
وقوله: (على نسبة) أي كقولنا: قام زيد، فنسبنا القيام لزيد واحترز به عن أسماء الأعلام وعن كل ما ليس له دلالة على نسبة.
وقوله (مع قصد المتكلم به الدلالة على ذلك) احتراز عن صيغة الخبر إذا وردت ولا تكون خبرا كالواردة على لسان النائم والساهي والحاكي لها أو لقصد الأمر كقوله تعالى (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)[المائدة: 45] وقوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ)[البقرة: 233](وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ)[البقرة: 228](وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)[آل عمران: 97] ونحوه حيث إنه لم يقصد بها الدلالة على النسبة ولا سلبها.
وقوله (معلوم إلى معلوم) حتى يدخل فيه الموجود والمعدوم.
وقوله (أو سلبها عنه) حتى يعم ما مثل قولنا: زيد في الدار، ليس في الدار
وقوله (يحسن السكوت عليه) احتراز عن اللفظ الدال على المركب التقييدي وهو: المركب من اسمين، أو اسم وفعل، يكون الثاني قيداً في الأول، ويقوم مقامهما لفظ مفرد مثل: حيوان ناطق، وزيد كاتب، فإنه يقوم مقام الأول الإنسان، ومقام الثاني الكاتب.
وهذا المركب التقييدي لا يصدق عليه حد الجملة؛ لأنه لم يفد نسبة يحسن السكوت عليها (1).
وقد ذكر المرداوي في التحبير (4/ 1699) وما بعدها تعاريف كثيرة للخبر قل أن يسلم منها حد من خدش.
ومنها ما نقله عن ابن حمدان حيث قال: (وقال ابن حمدان في ' المقنع ': هو قول يدل على نسبة معلوم إلى معلوم، أو سلبها عنه، ويحسن السكوت عليه) وهو قريب من تعريف الآمدي إلا أن الآمدي أضاف بعض القيود ليكون الحد جامعا مانعا، وعليه فنجمع بين التعريفين ونستبدل كلمة لفظ في تعريف الآمدي بكلمة قول في تعريف ابن حمدان فيكون تعريف الخبر هو (القول الدال بالوضع على نسبة معلوم إلى معلوم، أو سلبها عنه، مع قصد المتكلم به الدلالة على ذلك، على وجه يحسن السكوت عليه).
(1) انظر التحبير (1/ 307)، وبيان المختصر للأصفهاني (1/ 156).