الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
: نعم ولك أجر). وقوله صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم) رواه أصحاب السنن من حديث علي رضي الله عنه نص في المسألة وأن تكليف الصبي لا يكون إلا بعد احتلامه.
تكليف الكفار:
قال الطوفي في "مختصر الروضة"(ص/13): (الكفار مخاطبون بفروع الإسلام في أصح القولين، وهو قول الشافعي، والثاني: لا يخاطبون منها بغير النواهي، وهو قول أصحاب الرأي، والمشهور عنهم عدم تكليفهم مطلقا
…
لنا: القطع بالجواز، بشرط تقديم الإسلام، كأمر المحدث بالصلاة، بشرط تقديم الطهارة. ومنع الأصل، يستلزم أن لو ترك الصلاة عمره لا يعاقب إلا على ترك الوضوء. والإجماع على خلافه والنص، نحو (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [آل عمران: 97] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا)[البقرة: 21].
قالوا: وجوبها مع استحالة فعلها في الكفر، وانتفاء قضائها في الإسلام غير مفيد (1).
(1) - قال الطوفي في الشرح (1/ 210): (هذا دليل المانعين من تكليفهم بالفروع. وتقريره: أن التكليف لا بد وأن يكون مفيدا، إذ هو لغير فائدة عبث محال على الشرع. والفائدة إما أن تكون صحة فعلها حال الكفر، أو وجوب قضائها بعد الإسلام، وكلاهما منتف، لأن الكافر لا تصح منه عبادة فرعية حال كفره، ولا يجب عليه قضاؤها بعد الإسلام، فينتفي التكليف لانتفاء فائدته
…
وتقريره - أي الجواب عن دليلهم -: أن وجوبها حال الكفر، إنما هو بشرط تقديم الشرط- وهو الإيمان- كما سبق أول المسألة وأما عدم وجوب قضائها عليهم بعد الإسلام، فنقول: قضاء العبادات اختلف فيه، هل هو بأمر جديد، أو بالأمر الأول؟ يعني: الخطاب الذي ثبت به أصل التكليف.
فإن قلنا: هو بأمر جديد، سقط السؤال، لأنا نقول: قضاء العبادات، إنما لم يجب عليهم بعد الإسلام، لانتفاء ورود الأمر الجديد بها، لا أنها لم تكن واجبة عليهم حال الكفر.
وإن قلنا: إن القضاء بالأمر الأول، قلنا: هم مأمورون بها حال الكفر، لكن سقط قضاؤها عنهم بعد الإسلام بدليل شرعي متجدد، نحو قوله عليه السلام:«الإسلام يجب ما قبله، والحج يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها»
…
قلنا: الوجوب بشرط تقديم الشرط، كما سبق. والقضاء بأمر جديد، أو بالأمر الأول، ولكن انتفى بدليل شرعي، نحو:«الإسلام يجب ما قبله» . وفائدة الوجوب، عقابهم على تركها في الآخرة، وقد صرح به النص، نحو:(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) [فصلت: 6، 7](مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر: 42، 43]. والتكليف بالمناهي، يستدعي نية الترك تقربا. ولا نية لكافر) (1).
قال الشيخ العثيمين في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)[البقرة: 168]
: (من فوائد الآية أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)؛ وهم داخلون في هذا الخطاب؛ ومخاطبتهم بفروع الشريعة هو القول الصحيح؛ ولكن ليس معنى خطابهم بها أنهم ملزمون بها في حال الكفر؛ لأننا ندعوهم أولاً إلى الإسلام، ثم نلزمهم بأحكامه؛ وليس معنى كونهم مخاطبين بها أنهم يؤمرون بقضائها؛ والدليل على الأول قوله تعالى:(وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)[التوبة: 54]؛ فكيف نلزمهم بأمر لا ينفعهم؛ هذا عبث، وظلم؛ وأما الدليل على الثاني فقوله تعالى:(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)[الأنفال: 38]؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ممن أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات حال كفره؛ والفائدة من قولنا: إنهم مخاطبون بها - كما قال أهل العلم - زيادة عقوبتهم في الآخرة؛ وهذا يدل عليه قوله تعالى: (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) [المدثر: 39 - 47]) (2).
(1) انظر: روضة الناظر (ص/50)، المسودة (ص/41)، شرح مختصر الروضة (1/ 205)، أصول ابن مفلح (1/ 264)، القواعد والفوائد (ص/49)، التحبير (3/ 1144)، شرح الكوكب (1/ 500)، وغيرها.
(2)
وانظر "شرح الأصول"(ص/ 198: 205).