الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزاد تقي الدين: الإقراري وسوف يأتي - بإذن الله - الخلاف في اعتباره في آخر باب الإجماع.
تنبيه:
في حصر ما ثبت بالتتبع والاستقراء في الظني دون القطعي نظر؛ إذ أن الاستقراء منه ما هو تام ومنه ما ناقص.
قال ابن النجار في "شرح الكوكب المنير"(4/ 418): ((والاستقراء بالجزئي على الكلي) الذي هو أحد أصناف الاستدلال نوعان:
أحدهما: استقراء تام، وهو ما أشير إليه بقوله (إن كان) أي الاستقراء (تاما) أي بالكلي (إلا صورة النزاع، ف) هو (قطعي) عند الأكثر، وحد هذا: بأنه إثبات حكم في جزئي لثبوته في الكلي نحو: كل جسم متحيز.
فإنا استقرأنا جميع جزئيات الجسم فوجدناها منحصرة في الجماد والنبات والحيوان، وكل من ذلك متحيز فقد أفاد هذا الاستقراء الحكم يقينا في كلي، وهو الجسم الذي هو مشترك بين الجزئيات.
فكل جزئي من ذلك الكلي يحكم عليه بما حكم به على الكلي، إلا صورة النزاع فيستدل بذلك على صورة النزاع، وهو مفيد للقطع
…
النوع الثاني: استقراء ناقص، وهو ما أشير إليه بقوله (أو) إن كان (ناقصا) أي بأن يكون الاستقراء (بأكثر الجزئيات) لإثبات الحكم الكلي المشترك بين جميع الجزئيات
…
(ويسمى) هذا عند الفقهاء (إلحاق الفرد بالأعم الأغلب، ف) هو (ظني) ويختلف فيه الظن باختلاف الجزئيات.
فكلما كان الاستقراء في أكثر كان أقوى ظنا (وكل) من النوعين (حجة) أما الأول: فبالاتفاق، وأما الثاني: فعند صاحب الحاصل والبيضاوي والهندي، وبعض أصحابنا وغيرهم
…
).
فإن كان الاستقراء تاما فهو حجة قطعية، وثبت عن طريق جمع كبير من العلماء يبلغون حد التواتر فهو حجة قطعية، وذلك على مقتضى كلام ابن قدامة وسيأتي.
ولنتوقف الآن مع طريقة ابن قدامة في التقسيم وطريقته في تعيين القطعي والظني.
قال في "الروضة"(ص/154): (الإجماع ينقسم إلى: مقطوع، ومظنون.
فالمقطوع ما وجد فيه الاتفاق مع الشروط (1) التي لا يختلف فيه مع وجودها ونقله أهل التواتر.
والمظنون ما تخلف فيه أحد القيدين بأن يوجد مع الاختلاف فيه كالاتفاق في بعض العصر وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة أو يوجد القول من البعض والسكوت من الباقين أو توجد شروطه لكن ينقله آحاد).
قال الطوفي (3/ 127) شارحا كلام ابن قدامة: (أما الشيخ أبو محمد، فقال: الإجماع إما مقطوع أو مظنون، فالمقطوع ما وجد فيه جميع الشروط التي لا يختلف فيه مع وجودها، ونقل تواترا، والمظنون ما اختل فيه أحد القيدين، بأن يوجد على وجه مختلف فيه متواترا، ومتفقا عليه آحادا.
مثال المختلف فيه: أن يتفق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول، أو يؤخذ بقول البعض وسكوت البعض، أو يوجد الاتفاق في بعض
العصر ولم ينقرض حتى خولف، أو يجمع الصحابة بدون التابعي المعاصر
…
ومثال المتفق عليه آحادا: أن ينقل إجماع الصحابة بشروطه المتفق عليها بطريق الآحاد).
وقال أيضا (3/ 126): («الإجماع إما نطقي، أو سكوتي» وكل واحد منهما: إما «تواتر أو آحاد» .
فالنطقي: ما كان اتفاق مجتهدي الأمة جميعهم عليه نطقا، بمعنى أن كل واحد منهم نطق بصريح الحكم في الواقعة، نفيا أو إثباتا. وهذا معنى قوله:«إما نطقي من الكل» .
والسكوتي: ما نطق به البعض، وسكت البعض، وكل واحد من هذين إما أن ينقل تواترا أو آحادا، أي: ينقل بالتواتر أو الآحاد أن جميع المجتهدين نطقوا بصريح الحكم، أو ينقل بالتواتر أو الآحاد أن بعض المجتهدين أفتى، وبعضهم سكت
…
قوله: «ومراتبها» أي: مراتب أقسام الإجماع «متفاوتة» في القوة والضعف، وأقواها النطقي المتواتر، ثم النطقي المنقول آحادا، لضعف الآحاد عن التواتر، ثم
(1) وسوف يأتي قريبا الكلام على شروط الإجماع.