الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثالث - أن يكون المقَر منقادا للشرع، بأن يكون مسلما سامعا مطيعا، أما إن كان كافرا، فإن تقريره لا يدل على رفع الحرج، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى على بِيَعهم وكنائسهم وعلى عباداتهم.
الشرط الرابع - أن لا يكون قد علم من حاله صلى الله عليه وسلم إنكاره لذلك الفعل قبل وقوعه وبعد وقوعه، حتى استقر ذلك شرعا ثابتا، وحكما راسخا لا يحتمل التغيير ولا النسخ. وذلك كعبادة غير الله ونكاح المحارم.
الشرط الخامس - أن لا يمنع من الإنكار مانع سوى ما تقدم. فإن وجد مانع صحيح أمكن إحالة الإقرار عليه، فلا يكون حجة. ومن هذه الموانع أن يسكت النبي صلى الله عليه وسلم في انتظار الوحي، ويعلم ذلك من حاله، فلا يكون سكوته قبل البيان حجة على انتفاء الحرج عن الفعل.
تقرير الله - تعالى
- (1):
قال الشيخ: (فأما ما وقع ولم يعلم به فإنه لا ينسب إليه ولكنه حجة لإقرار الله له).
وقال في "الأصل"(ص/60): (فأما ما وقع في عهده ولم يعلم به فإنه لا ينسب إليه، ولكنه حجة لإقرار الله له، ولذلك استدل الصحابة رضي الله عنهم على جواز العزل بإقرار الله لهم عليه، قال جابر رضي الله عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل، متفق عليه، زاد مسلم: قال سفيان: ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن.
ويدل على أن إقرار الله حجة، أن الأفعال المنكرة التي كان المنافقون يخفونها يبينها الله تعالى وينكرها عليهم، فدل على أن ما سكت الله عنه فهو جائز).
وهذا القول أشار إليه تقي الدين في "المسودة"(2).
قال تقي الدين في "المسودة"(ص/512): (البيان من الله عز وجل يحصل بالفعل كالآيات التي بعث بها الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وكالعقوبات التي أنزلها
(1) وقد صنف عبدالحميد بن علي أبو زنيد رسالة بعنوان (إقرار الله جل جلاله في زمن النبوة ومدى الاحتجاج به) ولم أقف منها إلا على خاتمتها.
(2)
وانظر أصول الفقه لابن مفلح (2/ 584).
بالمنذرين ويحصل بالإقرار كقول جابر رضي الله عنه (كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن) والتحقيق أن يقال بيان الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قسمان فعل وترك أما الترك فقد يدل على عدم التحريم تارة وعلى عدم الوجوب أو الاستحباب أخرى وهذا هو الإقرار على ما فعلوه والثاني الإمساك عن الأمر بالشيء أو فعله على تفصيل في هذا القسم وأما الفعل فإنزال الكتاب أو خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تمام التقسيم فلا تغفل عن الدلالة العدمية فإنها أصل معتمد وهى غير استصحاب الحال).
وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين"(2/ 387): (وقد احتج به جابر في تقرير الرب في زمن الوحي كقوله كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيء ينهى عنه لنهي عنه القرآن وهذا من كمال فقه الصحابة وعلمهم واستيلائهم على معرفة طرق الأحكام ومداركها وهو يدل على أمرين:
أحدهما أن أصل الأفعال الإباحة ولا يحرم منها إلا ما حرمه الله على لسان رسوله. الثاني أن علم الرب تعالى بما يفعلون في زمن شرع الشرائع ونزول الوحي وإقراره لهم عليه دليل على عفوه عنه والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أنه في الوجه الأول يكون معفوا عنه استصحابا وفي الثاني يكون العفو عنه تقريرا لحكم الاستصحاب).
وقال المرداوي في "التحبير"(5/ 2021) وهو يتكلم عن حجية قول الصحابي: كنا نقول أو نرى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: (لم يذكر الأصوليون وغيرهم أنه حجة لتقرير الله تعالى، وذكره الشيخ تقي الدين محتجا بقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (كنا نعزل والقرآن ينزل) لو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن متفق عليه. وهو ظاهر الدلالة).
قال الصنعاني في " إجابة السائل شرح بغية الآمل"(ص / 35): (تستفاد الإباحة من الإقرار على الفعل في زمن الوحي وهو نوعان: إقرار الرب، وإقرار رسوله صلى الله عليه وسلم فمن إقرار الرب حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل ومن إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم قول حسان لعمر كنت أنشد وفيه من هو خير منك).