الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا. يعني أنه يجوز نسخ حكم المسكوت الذي هو مخالف للمذكور، مع نسخ الأصل ودونه، قاله كثير من العلماء، وقد قالت الصحابة رضي الله عنهم إن قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الماء من الماء": منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل" مع أن الأصل باق. وهو وجوب الغسل بالإنزال.
"ويبطل" حكم مفهوم المخالفة "بنسخ أصله" على الصحيح، اختاره القاضي وجزم به الموفق في الروضة، كذلك الطوفي؛ لأن فرعه وعدمه كالخطابين، واختاره ابن فورك.
والقول الثاني: أنه لا يبطل بنسخ أصله، وهو وجه لأصحابنا، ذكره القاضي.
قال البرماوي: وأما نسخ الأصل بدون مفهومه الذي هو مخالف له حكما: فذكر الصفي الهندي فيه احتمالين، قال: وأظهرهما أنه لا يجوز؛ لأنه إنما يدل على ضد الحكم باعتبار القيد المذكور، فإذا بطل تأثير ذلك القيد بطل ما ينبني عليه. اهـ. وعلى هذا: فنسخ الأصل نسخ للمفهوم منه والمعنى: أنه يرتفع الحكم الشرعي الذي حكم به على المسكوت بضد حكم المذكور (1).
"ولا ينسخ به" أي بمفهوم المخالفة على الصحيح قطع به في جمع الجوامع وصرح به السمعاني، لضعفه عن مقاومة النص (2).وقيل: بلى؛ لأنه في معنى المنطوق).
مسألة - حكمة النسخ:
قال الشيخ: (حكمة النسخ:
1 -
مراعاة مصالح العباد بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم ودنياهم.
2 -
التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال.
(1) قال الشنقيطي في "المذكرة "(ص/ 91): (منطوق اللفظ إذا نسخ بطل حكم ما تفرع عليه من مفهوم وما ألحق به بعلته، فلو فرضنا نسخ قوله " كل مسكر حرام" لبطل قياس النبيذ على الخمر بجامع الاسكار، ولو فرضنا نسخ إيجاب الزكاة في السائمة لبطل مفهومه الذي هو عدم وجوبها في المعلوفة لبطلان أصله وهكذا
…
)
(2)
وهذا هو الراجح، قال في "المذكرة" (ص/92):(واعلم أنه لا يجوز النسخ بمفهوم المخالفة لضعفه وللاختلاف في اعتباره).
3 -
اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر ورضاهم بذلك.
4 -
اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل).
قال الشيخ في "الشرح"(ص/431): (للنسخ حكم متعددة وكذا جميع الشرع مبني على الحكم، لكن من الحكم ما يعلم ومن الحكم ما لا يعلم، فالحكم المعلومة واضحة، وغير المعلومة يسميها العلماء تعبدية يعني أن الحكمة منها أن الله استعبدنا بها، ولكننا لا ندري ما هو السبب.
وهذه الأمور التعبدية كوجوب غسل اليد إذا قام الإِنسان من نومه ثلاثًا قبل أن يدخلها في الإِناء، ومن العلماء من يحاول أن يجد لها حكمة ولكن نحن لا يهمنا، نحن نعلم أن الله تعالى حكيم، فكل شيء يفعله الله عز وجل أو يشرعه فهو مبنيٌ على الحكمة، لكن عقولنا بقصورها لا تدرك بعض الحكم فتفوتها ويقول الله عز وجل:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)[الإسراء: 85].
فالمهم يجب أن تؤمن بأنه ما من شيء يشرعه الله عز وجل إلا وهو مبنيٌ على الحكمة.
ومن ذلك النسخ، وكون الحكم ينتقل من شيء لآخر ذلك لابد له من حكمة، وهي كثيرة). وقد سبق بيان بعض حكم النسخ عند الكلام على أقسام النسخ باعتبار النص المنسوخ، وذكر الشيخ هنا بعض الحكم الأخرى للنسخ منها:
1 -
مراعاة مصالح العباد بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم ودنياهم.
فالله عز وجل إذا نسخ حكما دل على أن الناسخ أنفع للعباد، والأول أيضا كان نافعا ولكنه منفعته كانت مؤقتة، فلما زالت انتقلنا إلى الثاني لمنفعته الدائمة المستمرة.
2 -
التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال.
قال الشيخ في "الشرح"(ص/432): (أي أن التشريع يتطور حتى يبلغ الكمال، ولهذا لم تجب الصلاة إلا قبل الهجرة بنحو سنة، أو ثلاث سنين، أو خمس، والزكاة وجبت في السنة الثانية، وقيل: إنها وجبت في مكة ولكن في السنة الثانية بينت الأنواع
والمقادير
…
إلخ، والصوم في السنة الثانية، والحج في السنة التاسعة فكل هذا من أجل أن يتطور التشريع حتى يبلغ الكمال.
وهذا كما أنه مقتضى الحكمة شرعًا، فهو مقتضى الحكمة قدرًا وانظر إلى الإِنسان أول ما يولد فهو صغير وضعيف القوة، ثم يزداد ويتطور حتى يصل إلى درجة الكمال).
3 -
اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر ورضاهم بذلك.
قال في الشرح (ص/433): (وذلك من أشد ما يكون، فبعض الناس لا يرضى أن تتحول الأحكام أحيانًا كذا وأحيانًا كذا، ولهذا لما حولت القبلة ارتد بعض الناس، كما قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ)[البقرة: 143].
فالمهم أن في النسخ اختبارًا للمكلفين هل يرضون بالأحكام ويتقبلون وإذا قيل لهم هذا حلال فعلوه، وإذا قيل هذا حرام أمسكوا عنه، وإذا قيل هذا واجب التزموا به وقاموا به، وهذا لا شك أنه من أكبر الحكم.
س: فإذا قال قائل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)[الأنعام: 53].
الجواب: بلى هو أعلم بالشاكرين وأعلم بالمتقين. ولكن علمه لا يترتب عليه الجزاء، فلا يترتب الجزاء حتى يجرب العبد الشكر والتقوى، أما قبل ذلك فهو علم لا يتعلق بنا نحن - أي: بالنسبة للتكليف والإِثابة أو العقوبة).
4 -
اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل.
قال في "الشرح"(ص/433): (النسخ قد يكون إلى أخف أو إلى أثقل أو إلى مساوٍ، وهذه ثلاثة أقسام " فلو رأينا نسخ تحريم الخمر لوجدناه إلى أثقل، ولو نظرنا إلى المصابرة لوجدناها إلى أخف، ولو نظرنا إلى الصوم وجدناه إلى أثقل، كان بالأول مخيرًا بين الصوم والفداء ثم تعين الصوم، هذا من جهة أخف: من جهة أنه إذا نام أو صلى العشاء وجب عليه الإمساك، ثم رخص لهم إلى طلوع الفجر فهو من هذه الجهة أخف، واستقبال القبلة مساو لأن الإِنسان من حيث العمل والتكليف: لا يفرق بين أن يستقبل الكعبة أو بيت المقدس. إذًا اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان