الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن يكون الناسخ منفصلا عن المنسوخ، متأخرا عنه، فإن المقترن كالشرط، والصفة، والاستثناء لا يسمى نسخًا بل تخصيصا.
الثالث: أن يكون النسخ بشرع، فلا يكون ارتفاع الحكم بالموت نسخًا، بل هو سقوط تكليف.
الرابع: أن لا يكون المنسوخ مقيدًا بوقت، أما لو كان كذلك فلا يكون انقضاء وقته الذي قيد به نسخًا له.
الخامس: أن يكون مما يجوز نسخه، فلا يدخل النسخ أصل التوحيد؛ لأن الله سبحانه بأسمائه وصفاته لم يزل ولا يزال، وسبق الكلام على تفصيل نسخ الأخبار (1).
أقسام النسخ باعتبار المنسوخ:
قال الشيخ: (ينقسم النسخ باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه، وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ بقاء ثواب التلاوة وتذكير الأمة بحكمة النسخ.
الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه، وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى.
الثالث: ما نسخ حكمه ولفظه).
وقال في "الأصل"(ص/54): (ينقسم النسخ باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه، وهذا هو الكثير في القرآن.
مثاله: آيتا المصابرة، وهما قوله تعالى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [لأنفال: من الآية65]، نسخ حكمها بقوله تعالى:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [لأنفال:66].
وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ، بقاء ثواب التلاوة، وتذكير الأمة بحكمة النسخ.
(1) هناك شروطا أخرى للنسخ لا داعي للتطويل بذكرها نظرا لورود الخلاف فيها.
الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه كآية الرجم، فقد ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان فيما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، وقامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف).
وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن، وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى، عكس حال اليهود الذين حاولوا كتم نص الرجم في التوراة (1).
الثالث: ما نسخ حكمه ولفظه: كنسخ عشر الرضعات في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات"(2) -) (3).
(1) قال الزركشي في "البرهان"(2/ 37): (هنا سؤال وهو أن يقال ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم وهلا أبقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها وأجاب صاحب الفنون فقال إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسارعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طرق الوحي).
(2)
رواه مسلم في "صحيحه "(2/ 1075) حديث رقم (1452). وأما العشر فهي مثال لما نسخ حكما وتلاوة، وأما الخمس فهي مثال لما نسخ تلاوة وبقي حكما، وتتمته:(فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)، وهذا مشكل فظاهره أن النسخ تم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأجاب النووي عن هذا الإشكال بقوله في شرح مسلم (10/ 29):(معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى).
(3)
انظر: العدة (3/ 780)، التحبير (6/ 3029)، شرح الكوكب المنير (3/ 554)، المدخل (ص/ 215).