الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات:
التنبيه الأول - تعريف الصحيح عند الفقهاء وعند المتكلمين:
لم يذكر الشيخ التفرقة بين تعريف الصحيح عند الفقهاء والمتكلمين وكل من وقفت عليه ممن تكلم عن تعريف الصحيح ذكر هذا الفرق (1).
قال ابن قدامة في "روضة الناظر"(ص/58): (فالصحيح من العبادات - أي عند الفقهاء - ما أجزأ وأسقط القضاء والمتكلمون يطلقونه بإزاء ما وافق الأمر وإن وجب القضاء كصلاة من ظن أنه متطهر، وأما العقود فكل ما كان سببا لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه فهو صحيح وإلا فهو باطل فالباطل هو الذي لم يثمر والصحيح الذي أثمر).
قال ابن بدران في "نزهة الخاطر العاطر"(1/ 111): (ثمرة الخلاف بين الفقهاء والمتكلمين تظهر في صلاة من ظن أنه متطهر ثم تبين له خلاف ظنه فعلى اصطلاح المتكلمين صلاته صحيحه؛ لأنه وافق الأمر المتوجه عليه في الحال، وأما القضاء فوجوبه بأمر مجدد فلا يشتق منه اسم الصحة، وهذه الصلاة فاسدة عند الفقهاء؛ لأنها غير مجزئة
…
).
التنبيه الثاني - هل يشمل تعريف الشيخ للصحة المعاملات والعبادات
.
بداية تعريف الشيخ إنما هو على طريقة الفقهاء لا المتكلمين، وهو تعريف للصحة عندهم في المعاملات دون العبادات، وقد اختار البعض صحة شمول التعريف لكلاهما.
قال ابن مفلح في "أصوله"(1/ 253): (الصحة في العبادة: سقوط القضاء بالفعل- وفي المعاملات: ترتب ثمرة العقد عليه (2) - عند الفقهاء، وعند المتكلمين: موافقة الأمر، فإِذا وجدت حكم العقل بصحتها بالتفسيرين).
قال الآمدي في " الإحكام "(1/ 175): (أما في العبادات فعند المتكلم الصحة عبارة عن موافقة أمر الشارع وجب القضاء أو لم يجب، وعند الفقهاء الصحة عبارة عن سقوط القضاء بالفعل فمن صلى وهو يظن أنه متطهر وتبين أنه لم يكن متطهرا
(1) انظر: شرح مختصر الروضة (ص/1/ 441)، التحبير (3/ 1082)، المختصر لابن اللحام (ص/67)، شرح الكوكب (1/ 465)، المدخل (ص/164).
(2)
وهذا هو التعريف الذي اختاره الشيخ.
فصلاته صحيحة عند المتكلم لموافقة أمر الشارع بالصلاة على حسب حاله وغير صحيحة عند الفقهاء لكونها غير مسقطة للقضاء، وأما في عقود المعاملات فمعنى صحة العقد ترتب ثمرته المطلوبة منه عليه، ولو قيل للعبادة صحيحة بهذا التفسير فلا حرج).
وقد نقل الطوفي هذا التوجيه الأخير، وعلله بقوله في "شرح مختصر الروضة" (1/ 445):(قال الآمدي: ولا بأس بتفسير الصحة في العبادات بهذا. قلت: لأن مقصود العبادة إقامة رسم التعبد وبراءة ذمة العبد منها، فإذا أفادت ذلك كان هو معنى قولنا: إنها كافية في سقوط القضاء، فتكون صحيحة).
قال المرداوي في "التحبير"(3/ 1086): (قوله: {ويجمعهما: ترتب الأثر المطلوب من الفعل عليه} . أكثر الأصوليين يفرد كل واحد من الصحة في العبادات، والصحة في المعاملات بحد، لأن جمع الحقائق المختلفة في حد واحد لا يمكن. صرح به ابن الحاجب في تقسيم الاستثناء إلى منقطع ومتصل، لكن ذلك مخصوص بما إذا أريد تمييز الحقيقة عن الأخرى بالذاتيات، وأما غيره فيجوز، فلذلك جمعنا بينهما في تعريف واحد، لصدقه عليهما، تبعا للكوراني
…
قال - أي الكوراني -: (لو قيل: الصحة مطلقا: عبارة عن ترتب الأثر المطلوب من الفعل عليه، ليشمل العبادات من غير تطويل، لكان أولى. غايته: أن ذلك الأثر عند المتكلمين: موافقة الشرع، وعند الفقهاء إسقاط القضاء. وعلى هذا يكون الخلاف راجعا إلى تعيين الأثر المطلوب، لا إلى تفسير الصحة) انتهى. وقد قال القطب الشيرازي: (لو قيل: المعاملات ترتب ثمرة المطلوب منه عليه شرعا، اطرد. ولو قيل: العبادة صحيحة بهذا التفسير، فلا حرج) انتهى.) (1).
وعليه فالتعريف المختار للصحة هو ما اختاره الشيخ مع حذف القيد الأخير لما فيه من التطويل، ويغني عن ذكره ما في التعريف من عموم:(ما ترتبت آثار فعله عليه).
(1) انظر: "شرح الكوكب المنير"(1/ 468).