الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماع ظني ولا ينضبط، ولا يعارض به نصوص الكتاب والسنة.
والإجماع الظني عند شيخ الإسلام حجة ظنية:
قال في " مجموع الفتاوى"(19/ 267): (والإجماع نوعان قطعي فهذا لا سبيل إلى أن يعلم إجماع قطعي على خلاف النص وأما الظني فهو الإجماع الإقرارى والاستقرائي بأن يستقرئ أقوال العلماء فلا يجد في ذلك خلافا أو يشتهر القول في القرآن ولا يعلم أحدا أنكره فهذا الإجماع وإن جاز الاحتجاج به فلا يجوز أن تدفع النصوص المعلومة به لأن هذا حجة ظنية لا يجزم الإنسان بصحتها فانه لا يجزم بانتفاء المخالف وحيث قطع بانتفاء المخالف فالإجماع قطعي وأما إذا كان يظن عدمه ولا يقطع به فهو حجة ظنية والظني لا يدفع به النص المعلوم لكن يحتج به ويقدم على ما هو دونه بالظن ويقدم عليه الظن الذي هو أقوى منه فمتى كان ظنه لدلالة النص أقوى من ظنه بثبوت الإجماع قدم دلالة النص ومتى كان ظنه للإجماع أقوى قدم هذا والمصيب في نفس الأمر واحد).
الترجيح:
والراجح أن انعقاد الإجماع لا يختص بالصحابة لشمول الأدلة التي سبق وأن سقتها في بيان حجية الإجماع للصحابة وغيرهم.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة"(3/ 47): (لا يختص الإجماع بالصحابة، بل إجماع كل عصر حجة، خلافا لداود، وعن أحمد مثله».
قال الشيخ أبو محمد: وقد أومأ أحمد إلى نحو من قوله، يعني قول داود.
قال الآمدي: ذهب أهل الظاهر، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه إلى أن الإجماع المحتج به مختص بالصحابة رضي الله عنهم، وذهب الباقون إلى أن إجماع أهل كل عصر حجة، وهو المختار.
قلت: المشهور من مذهب أحمد ما حكيناه أولا كقول الأكثرين.
قوله: «لنا: المؤمنون» إلى آخره، أي: لنا على أن إجماع كل عصر حجة وجهان:
أحدهما: أن دليل السمع متناول لأهل كل عصر، وصادق عليهم، فيكون إجماعهم حجة.
أما الأول فلأن قوله عز وجل: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)[النساء: 115]، وقوله عليه الصلاة والسلام:(ما رآه المسلمون حسنا .. )(1) و (يد الله على الجماعة)«صادق على أهل كل عصر» إذ تصح تسميتهم مؤمنين ومسلمين، وجماعة تعريفا وتنكيرا.
وأما الثاني: وهو كون إجماعهم حجة؛ فلأنه إذا تناولهم لفظ المؤمنين، وصدق عليهم، حرم خلافهم لقوله تعالى:(وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) الآية، كما سبق. فثبت بهذا أن إجماع كل عصر حجة.
الوجه الثاني: أن المعقول من الدليل السمعي، وهو قوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] الآية، وأخواتها مما سبق ; هو «إثبات الحجة الإجماعية مدة التكليف». إذ تقدير الكلام: إن سبيل المؤمنين حق، فاتبعوه ما دمتم مكلفين. والخطاب للموجودين، ولمن سيوجد، وإذا كان الأمر كذلك، فالتكليف «ليس مختصا بعصر الصحابة» بل هو دائم مستمر عصرا بعد عصر حتى تقوم الساعة، فيجب العمل بمعقول الدليل السمعي في إثبات الإجماع في كل عصر من أعصار مدة التكليف، وذلك إنما يكون باتفاق أهل ذلك العصر، إذ ما قبله وبعده معدوم.
قوله: " قالوا: السمعي خطاب لحاضريه ". هذا حجة الظاهرية: أن دليل السمع الذي ثبت به الإجماع " خطاب لحاضريه " أي: لحاضري ذلك الخطاب كقوله عز وجل: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[آل عمران: 110]، وقوله تعالى:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)[البقرة: 143]، الآيتين. وهذا خطاب للحاضرين " فيختص " بمقتضاه، وهو كون الإجماع حجة " بهم " دون غيرهم، لعدم تناول الخطاب له.
قوله: " قلنا: " إلى آخره. هذا جواب ما ذكروه، أي: قلنا: الجواب عن الوجه " الأول " وهو قولهم: " السمعي خطاب لحاضريه فيختص بهم " أنه " باطل بسائر خطاب التكليف " نحو: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)[البقرة: 43] ونحوه كثير،
(1) ضعيف مرفوعا، حسن موقوفا.