الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمسك الصحابة رضي الله عنهم وتركوه، حتى بين لهم أنه حلال، ولكنه يعافه)، ولكن هذا النوع مقيد بتصريح الراوي بأنه ترك، أو قيام القرائن عند الراوي الذي يروي عنه أنه ترك.
والمراد من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله: ما لم يكن على وجه الإعجاز.
(وإقراره) يعني أن السنة شرعا واصطلاحا: قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره على الشيء يقال أو يفعل، فإذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم إنسانا يقول شيئا، أو رآه يفعل شيئا فأقره عليه، فهو من السنة قطعا.
(وزيد الهم) أي وزاد الشافعية على ما ذكر من أقسام السنة: ما هم النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ولم يفعله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بحق محبوب مطلوب شرعا؛ لأنه مبعوث لبيان الشرعيات. ومنه: همه صلى الله عليه وسلم بمعاقبة المتخلفين عن الجماعة).
تنبيهات:
الأول - سار الشيخ هنا على طريقة المحدثين لا الأصوليين في تعريف السنة
.
وقد سلك الأصوليون في تعريف السنة طريقين:
المسلك الأول - الاقتصار على الأقوال والأفعال.
قال السبكي في "جمع الجوامع"(2/ 128 - حاشية العطار): (السنة وهي أقوال محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله، ومنها تقريره؛ لأنه كف عن الإنكار والكف فعل كما تقدم).
وقال البناني في "حاشيته"(2/ 94): (قوله: (ومنها تقريره لأنه كف الخ) جواب لما يقال من أن التعريف غير جامع لخروج تقريراته صلى الله عليه وسلم بأن التقرير داخل في الفعل؛ لأنه كف عن الإنكار والكف فعل كما تقدم، ويؤخذ من هذا كما قال بعضهم أن من الأفعال أيضا الهم والإشارة فلا يخرجان عن التعريف إذ الهم نفسي كالكف عن الإنكار والإشارة فعل الجوارح، فإذا هم بشيء وعاقه عنه عائق أو أشار لشيء كان ذلك الفعل مطلوبا شرعا؛ لأنه لا يهم ولا يشير إلا بحق، وقد بعث صلى الله عليه وسلم لبيان الشرعيات).
وقال الأشقر في "أفعال الرسول"(1/ 18): (السنة في اصطلاح الأصوليين ما
صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن من الأقوال والأفعال.
وهي في اصطلاح المحدثين لمعنى أوسع من ذلك، إذ هي عندهم: "ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو صفة خَلْقيّة، أو خُلُقيّة
…
" وإنما جعلوها كذلك لأنهم أهل العناية برواية الأخبار.
أما في اصطلاح الفقهاء فالسنة بمعنى النافلة والمندوب، أي ما يتقرب به إلى الله تعالى مما ليس بمتحتم على المسلم.
ونلاحظ أن بعض الأصوليين قال في تعريف السنة: إنها ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، وبعضهم يضيف الترك، وبعضهم يضيف الهم والإشارة ونحو ذلك. والأولى ترك ذكر ما عدا الأقوال والأفعال، كما صنع البيضاوي في المنهاج؛ لأن كل ما ذكر مما سواهما فهو فعل على الراجح.
وأما من ادعي أن شيئا مما ذكر ليس فعلا، وأنه حجة، فيلزمه ذكره في التعريف).
المسلك الثاني - زيادة الإقرار (1).
قال الطوفي في "مختصر الروضة"(ص/49): ((والسنة) لغة: الطريقة، (وشرعا)، اصطلاحا: ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا، أو فعلا، أو إقرارا).
قال الزركشي في "البحر المحيط"(3/ 236): (وتطلق - أي السنة - وهو
المراد هنا على ما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال
والتقرير والهم، وهذا الأخير لم يذكره الأصوليون ولكن استعمله الشافعي في الاستدلال).
ونلحظ مما سبق أمرين:
الأول - أن الأصوليين لم يذكروا الوصف وإنما ذكره المحدثون.
الثاني - أن زيادة الهم في تعريف السنة استعملها الشافعي.
(1) انظر: المدخل لابن بدران (ص/199)، الإحكام للآمدي - (1/ 223)، شرح العضد (2/ 22)، التقرير والتحبير (2/ 297)، مسلم الثبوت (2/ 97)، إرشاد الفحول (1/ 95)، "أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله"(ص/ 103) وسيأتي كلامه قريبا - بإذن الله - وغيرها.