الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه فتعريف الواجب بالحد الحقيقي هو: (ما أمر به الشارع على وجه الإلزام).
ويكون تعريفه الرسمي: (ما ذم تاركه شرعا قصدا مطلقا).
وهذه التنبيهات تنسحب على باقي الأحكام الخمسة ولن أكرر ذكرها مع كل تعريف، والله الموفق.
قال الشيخ: (والواجب يثاب فاعله امتثالًا ويستحق العقاب تاركه)
.
امتثالًا أي يفعله على وجه الطاعة والقربة، فمن نوى التبرد فغسل أعضاء الوضوء لا يعد متوضئا وهكذا.
وأما قوله (ويستحق) فقال الشيخ ولم نقل (ويعاقب تاركه)؛ لأنه من الجائز أن الله قد يعفو عنه، فهو مستحق للعقاب، لكن قد يعاقب وقد لا يعاقب.
نكتة:
يجزم بإثابة فاعل الثواب، وكذا تارك الحرام؛ لأنه وعد كما قال تعالى:(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الأنعام: 160]، ولكن لابد من تقييده بالامتثال. وذلك بخلاف الوعيد على ترك الواجب، وفعل الحرام فلا يجزم بلحوق العقاب؛ لأنه من الجائز أن الله قد يعفو عنه، فهو مستحق للعقاب، لكن قد يعاقب وقد لا يعاقب.
أسماء الواجب:
قوله: (ويسمى فرضاً، وفريضة، وحتماً، ولازماً).
القول بعدم
التفريق بين الفرض والواجب
عند الحنابلة هو أحد الأقوال الثلاثة المنقولة عن الإمام أحمد في هذه المسألة.
قال مجد الدين في المسودة (ص/ 44): مسألة: الفرض والواجب سواء وهو الذي ذكره في مقدمة المجرد وبه قالت الشافعية وعنه الفرض آكد ونصرها الحلواني وبه قالت الحنفية وهو على قولهم وروايتنا هذه ما ثبت بدليل مقطوع به وقيل هو ما لا يسقط في عمد ولا سهو وحكى ابن عقيل رواية ثالثة أن الفرض ما لزم بالقرآن والواجب ما كان بالسنة وهذه هي ظاهر كلام أحمد في أكثر نصوصه وقد حكاها ابن شاقلا وهذا القول في الجملة اختيار القاضي وغيره).
ومن النتائج المترتبة على هذا الخلاف في ترادف، أو تباين الفرض والواجب:
1 -
مسائل عقدية وهو أن من أنكر الفرض كفر ومن أنكر الواجب لا يكفر وهذا على رأي الحنفية (1) ومن وافقهم والصحيح أن من أنكر حجية ما ثبت من السنة فهو كافر، وإن كانت خبر آحاد.
قال الشيخ العثيمين في "القول المفيد"(1/ 82): (أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفا أجمع القراء عليه، لكان كافرا، بخلاف الأحاديث القدسية، فإنه لو أنكر شيئا منها مدعيا أنه لم يثبت، لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، لكان كافرا لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال السيوطي في "مفتاح الجنة"(ص/ 5): (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة).
2 -
ترتب أيضًا على الخلاف فيها مسائل أصولية منها أن الزيادة على النص نسخ وهذا لا يجوز عند الحنفية، ويعنون بالنص الكتاب والسنة المتواترة، والزيادة ما ثبت بخبر الآحاد إلا أنهم لم يلتزموا ذلك بل خالفوه في مسائل كثيرة جدا (في أكثر من ثلاثمائة موضع كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين)، ومنها على سبيل التمثيل: قولهم بفرضية الوتر، وجواز الوضوء بنبيذ التمر، وكذلك إنهم اشترطوا في الصداق أن يكون أقله عشرة دراهم.
3 -
كما ترتب على الخلاف في هذه المسألة الأصولية مسائل فقهية كثيرة جدًا ومن تتبع مذهب الحنابلة وجد أنهم تبعا لاختلاف الروايات والأقوال في هذه المسألة اختلفت التطبيقات عليها في المسائل الفقهية فأحيانا لا يفرقون بين الفرض والواجب وأحيانا
(1) قال صدر الشريعة في "التوضيح في حل غوامض التنقيح"(2/ 258): (فالفرض لازم علما وعملا حتى يكفر جاحده والواجب لازم عملا لا علما فلا يكفر جاحده بل يفسق إن استخف بأخبار الآحاد الغير المؤولة وأما مؤولا فلا ويعاقب تاركهما أي تارك الفرض والواجب إلا أن يعفو الله)، وانظر أيضا: أصول السرخسي (1/ 112)، التقرير والتحبير (2/ 107)، غمز عيون البصائر (2/ 354)، كشف الأسرار (2/ 436).