الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمشركين الذين يسجدونَ للشَّمسِ إذا طلعتْ وإذا غربتْ، فإذا أُحيلت الصَّلاةُ على سببٍ معلومٍ كانت المشابهةُ بعيدةً أو معدومةً.
رابعاً: أنَّه في بعضِ ألفاظِ أحاديثِ النَّهي: (لا تَحرَّوا بصلاتِكُم طُلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها) والذي يُصلِّي لسببٍ لا يُقال: إنَّه متحرٍّ. بل يُقال: صَلَّى للسَّببِ.
والمتحرِّي: هو الذي يَرْقبُ الشمسَ، فإذا قاربتِ الطُّلوعَ مثلاً قامَ وصَلَّى، أو الذي يرقبُ وَقْتَ النَّهي، فإذا جاءَ وَقْتُ النَّهي قامَ وصَلَّى. وهذا مذهبُ الشافعي وإحدى الرِّوايتين عن الإمام أحمدَ رحمه الله، واختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية، وشيخِنا عبدِ الرَّحمن بنِ سعدي، وشيخِنا عبدِ العزيزِ بنِ باز.
وعلى هذا؛ إذا دخلتَ المسجدَ لصلاةِ المغربِ قبلَ الغُروبِ بربع ساعة مثلاً؛ تُصلِّي ولا حَرَج، بل لو جلستَ لكنت واقعاً في نَهْيِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم عن الجلوسِ لمَن دَخَلَ المسجدَ حتى يُصلِّيَ ركعتين
…
).
3 -
قال الشيخ: (وإن لم يقم دليل ولا مرجح لتخصيص عموم أحدهما بالثاني وجب العمل بكل منهما فيما لا يتعارضان فيه والتوقف في الصورة التي يتعارضان فيها).
ولا يوجد له مثال، وقد سبق الكلام على هذه الحالة.
الترتيب بين الأدلة:
قال الشيخ: (إذا اتفقت الأدلة السابقة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) على حكم أو انفرد أحدها من غير معارض وجب إثباته، وإن تعارضت وأمكن الجمع وجب الجمع وإن لم يكن الجمع عمل بالنسخ إن تمت شروطه. وإن لم يمكن النسخ وجب الترجيح).
مسألة - لا قياس مع النص:
ذكر الشيخ هنا أنه يمكن أن تتفق الأدلة الأربعة على حكم شرعي، ومثل له في "الشرح" بالبيع فذكر أدلة الكتاب والسنة والإجماع على جوازه قال (ص/587): (وكذلك مما يدل على جواز البيع "القياس": ومعناه النظر الصحيح- وذلك أن الحاجة داعية إلى جواز البيع. فأنا مثلا أحتاج إلى شيء معك وأنت تحتاج إلى شيء معي، فلا بد من المبايعة، ولولا المبايعة لأخذته منك بالقوة وأخذته مني بالقوة، وحينئذٍ
تحصل الفتنة والشر والفساد).
أوافق الشيخ في مقصوده من جواز تعاضد القياس مع الكتاب والسنة والإجماع للدلالة على حكم شرعي، ولكن ما ذكره هنا في المسألة السابقة فليس قياسا بالمعنى الاصطلاحي، وإنما هو دليل من المعقول (1) على شرعيته.
قال قاسم القونوي (2): (والمعقول وهو أن الحاجة ماسة إلى شرعيته، فإن الناس يحتاجون إلى الأعواض، والسلع والطعام والشراب الذي في أيدي بعضهم، ولا طريق لهم إلا بالبيع والشراء؛ فإن ما جبلت عليه الطباع من الشح والضنة وحب المال يمنعهم من إخراجه من غير عوض، فاحتاجوا إلى المعاوضة، فلهذا كان من الضروري أن يَحِلَّ البيعُ فأحله الله عز وجل (3).
إلا أنه لا مانع من تعاضد أدلة الكتاب والسنة والإجماع والقياس على حكم شرعي، وإنما الممنوع أن يكون القياس مصادما للنص، وهو ما يسمى فساد الاعتبار كما سبق بيانه.
قال الشيخ النملة في " الجامع لمسائل أصول الفقه": (يشترط في الفرع: أن يكون خالياً عن نص أو إجماع ينافي حكم القياس؛ فإنْ وُجِدَ نص أو إجماع ينافي الحكم الذي أخذناه عن طريق القياس: فلا يصح القياس؛ لأنه لا قياس مع النص.
ثم قال: إذا وجد نص أو إجماع في حكم الفرع موافق للقياس؛ فإنَّا ننظر:
1 -
إن كان هذا النص أو الإجماع الدال على ثبوت حكم الفرع بعينة هُوَ الذي دل على حكم الأَصْل.
(1) المعقول يعني أنه معلل، وقال الشيخ عياض السلمي في "أصوله" (ص/442):(والمراد بالمعقولين: الأقيسةُ وطرقُ الفقه الأُخرى، التي ليست بنقلٍ ولا قياسٍ، ويُسميها بعضُهم الاستدلالَ، ويَدخل فيها الاستصحابُ بأنواعه، والاستصلاحُ، والاستقراءُ عند مَن يرى حجيته).
(2)
هو قاسم بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان ابن نصير بن صالح البلقيني الأصل، القاهري، الشافعي (زين الدين) فقيه. ولد بالقاهرة سنة 795 هـ، ونشأ بها، وتوفي سنة 861 هـ. من تصانيفه: شرح التنبيه، شرح الحاوي، وشرح المنهاج. انظر ترجمته في: الضوء اللامع للسخاوي (6/ 181، 182)، معجم المؤلفين لكحالة (8/ 106).
(3)
أنيس الفقهاء (ص/201 - 202) بتصرف يسير.