الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكفر، وفي القطعي النفي والإثبات، والثالث: يكفر بإنكار مثل الصلوات الخمس دون غيرها).
وقال تقي الدين في "مجموع الفتاوي"(7/ 39): (كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع وبانتفاء المنازع من المؤمنين فإنها مما بين الله فيه الهدى ومخالف مثل هذا الإجماع يكفر كما يكفر مخالف النص البيِّن. وأما إذا كان يُظن الإجماع ولا يُقطع به فهنا قد لا يقطع أيضا بأنها مما تبين فيه الهدى من جهة الرسول ومخالف مثل هذا الإجماع قد لا يكفر بل قد يكون ظن الإجماع خطأ والصواب في خلاف هذا القول، وهذا هو فصل الخطاب فيما يكفر به من مخالفة الإجماع وما لا يكفر. والإجماع هل هو قطعي الدلالة أو ظني الدلالة فان من الناس من يطلق الإثبات بهذا أو هذا ومنهم من يطلق النفي لهذا ولهذا والصواب التفصيل بين ما يقطع به من الإجماع ويعلم يقينا أنه ليس فيه منازع من المؤمنين أصلا فهذا يجب القطع بأنه حق وهذا لابد أن يكون مما بين فيه الرسول الهدى).
وقال رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(19/ 269): (وقد تنازع الناس في مخالف الإجماع هل يكفر على قولين والتحقيق أن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به وأما العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها فهذا لا يقع وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره).
وهذا محصل ما وقفت عليه من أقوال في حكم مخالف الإجماع، وأرجح الأقوال عندي ما ذكره الشيخ رحمه الله حيث قال وهو يتكلم عن الإجماع القطعي:(ويكفر مخالفه إذا كان ممن لا يجهله).
الثاني - يكفر منكر الإجماع الضروري، والمشهور سواء أكان منصوصا عليه أم لا:
قال المرداوي في "التحبير"(4/ 1679): ({ابن حامد، وجمع، يكفر منكر حكم إجماع قطعي} ، والقاضي وأبو الخطاب، وجمع لا، ويفسق والطوفي، والآمدي، ومن تبعه يكفر بنحو العبادات الخمس، وهو معنى كلام أصحابنا في الفقه: يكفر بنحو العبادات الخمس. قال ابن مفلح: واختاره بعض أصحابنا - مع أنه حكى الأول
عن أكثر العلماء - ولا أظن أحداً لا يكفر من جحد هذا. انتهى. ولهذا وغيره قلنا: والحق أن منكر المجمع عليه الضروري، والمشهور المنصوص عليه. كافر قطعاً، وكذا المشهور فقط، لا الخفي في الأصح فيهما. فهنا أربعة أقسام: الأول: المجمع عليه الضروري، ولا شك في تكفير منكر ذلك، وقد قطع الإمام أحمد، والأصحاب: بكفر جاحد الصلاة، وكذا لو أنكر ركناً من أركان الإسلام، لكن ليس كفره من حيث كون ما جحده مجمعاً عليه فقط، بل مع كونه مما اشترك الناس في معرفته فإنه يصير بذلك كأنه جاحد لصدق الرسول. ومعنى كونه معلوماً بالضرورة أن يستوي خاصة أهل الدين، وعامتهم في معرفته حتى يصير كالمعلوم بالعلم الضروري في عدم تطرق الشك إليه، لا أنه يستقل العقل بإدراكه فيكون علماً ضرورياً، كأعداد الصلوات، وركعاتها، والزكاة، والصيام، والحج، وزمانها، وتحريم الزنا، والخمر، والسرقة، ونحوها. وإن لم يكن معلوماً من الدين بالضرورة، ولكن منصوص عليه مشهور عند الخاصة والعامة فيشارك القسم الذي قبله في كونه منصوصاً، ومشهوراً، ويخالفه من حيث إنه لم ينته إلى كونه ضرورياً في الدين فيكفر به جاحده أيضاً. وإن لم يكن منصوصاً عليه لكنه بلغ مع كونه مجمعاً عليه في الشهرة مبلغ المنصوص بحيث تعرفه الخاصة، والعامة فهذا أيضاً يكفر منكره في أصح قولي العلماء، حكاها الأستاذ أبو إسحاق وغيره؛ لأنه يتضمن تكذيبهم تكذيب الصادق. وقيل: لا يكفر لعدم التصريح بالتكذيب، وإن لم يكن منصوصاً عليه، ولا بلغ في الشهرة مبلغ المنصوص؛ بل هو خفي، لا يعرفه إلا الخواص، كإنكار استحقاق بنت الابن السدس مع البنت، وتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالاتها، أو إفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة، ونحوه، فهذا لا يكفر جاحده، ولا منكره لعذر الخفاء، خلافاً لبعض الفقهاء في قوله: إنه يكفر؛ لتكذيبه الأمة. ورد: بأنه لم يكذبهم صريحاً، إذا فرض أنه لم يكن مشهوراً، فهو مما يخفى على مثله، فهذا تحقيق هذه المسألة وتحريرها
…
).
وخلاصة كلام المرداوي أنه ألحق بالضروري: المشهور سواء أكان منصوصا عليه أم لا في أنه يكفر منكره.