الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهما، ومعاني هذه الحدود متقاربة).
- قال الطوفي في "مختصر الروضة"(ص/145): (شرعا: حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما، وقيل: إثبات مثل الحكم في غير محله لمقتض مشترك. وقيل: تعدية حكم المنصوص عليه إلى غيره بجامع مشترك، ومعانيها متقاربة، وقيل غير ما ذكر).
اعتراضات على التعريف:
حقيقة أن إيجاد حد للقياس مما يصعب، وغالب التعريفات التي ذكرها العلماء له لا تسلم من اعتراض، وسوف نناقش بعض الاعتراضات الواردة على تعريف الشيخ رحمه الله حتى نصل إلى تعريف سالم من المعارضة.
الاعتراض الأول:
اعترض على استعمال كلمتي الأصل والفرع في الحد بعدة اعتراضات منها:
أ- أنه يلزم منه الدور، وإيضاحه أن الأصل والفرع لا يعرفان إلا بعد معرفة حقيقة القياس، فأخذهما في تعريفه دور.
وأجاب المرداوي عن هذا الاعتراض في التحبير" (7/ 3119) بقوله: (إنما نعني بالفرع صورة أريد إلحاقها بالأخرى في الحكم، لوجود العلة الموجبة للحكم فيهما، وبالأصل: الصورة الملحق بها، فلا يلزم دور من كون لفظ الفرع والأصل، يشعر أن لا يكون هذا فرع وذاك أصل، إلا أن يكون هذا مقيساً على ذلك).
ب- أن الأصل غالب استعماله في الموجودات، فيوهم استعماله بعدم دخول المعدومات في القياس، مع أن غالب القياس فيها.
قال الآمدي في "إحكام الإحكام"(3/ 205): (ولو قال حمل فرع على أصل ربما أوهم اختصاصه بالموجود من جهة أن وصف أحدهما بكونه فرعا والآخر بكونه أصلا قد يظن أنه صفة وجودية والصفات الوجودية لا تكون صفة للمعدوم وإن لم يكن حقا فكان استعمال لفظ المعلوم أجمع وأمنع وأبعد عن الوهم الفاسد).
قال عيسى منون في نبراس العقول (ص/23): (رفع إيهام كون المقيس والمقيس عليه وجوديين لأن الأصل ما تولد منه الشيء والفرع ما تولد عن الشيء، مع أنك
علمت أن القياس يجري في المعدومات أيضا، وإنما عبرنا بالإيهام لأن الأصلية والفرعية قد تكون في المعدومات فإن عدم المشروط مفرع على عدم الشرط وعدم الملزوم مفرع على عدم اللازم إلا أن استعمالهما في الموجودات أكثر
…
).
وعليه فقد عرفت أن استخدام كلمة أصل وفرع لا يلزم منه الدور في التعريف، وأن الأصل والفرع قد يستخدمان في المعدومات أيضا.
الاعتراض الثاني:
أن هذا التعريف لا يدخل فيه التسوية بين الأصل والفرع في النفي.
قال الآمدي في "الإحكام"(3/ 206): (وأما القيد الثاني - أي للتعريف الذي نقله عن القاضي أبي بكر: في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما - فإنما ذكره لأن حمل الفرع على الأصل قد بان أن معناه التشريك في الحكم وحكم الأصل وهو المحمول عليه قد يكون إثباتا وقد يكون نفيا وكانت عبارته بذلك أجمع للنفي والإثبات).
قلت: والإطلاق الذي في تعريف الشيخ يدخل فيه التسوية بين الأصل والفرع في النفي والإثبات، ويكون إضافة قيد النفي حشو.
الاعتراض الثالث:
قال المرداوي في "التحبير"(7/ 3125): (لم يرد بالحد قياس الدلالة وهو الجمع بين أصل وفرع بدليل العلة كالجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة (1). ولا قياس العكس: وهو تحصيل نقيض حكم المعلوم في غيره لافتراقهما في علة الحكم، مثل: لما وجب الصوم في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر، عكسه
(1) قياس الدلالة يجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة، وهو إما بملزومها أو أثرها، أو حكمها، ليدل اشتراكهما في الدليل على اشتراكهما في العلة، فيلزم اشتراكهما في الحكم، وسمي بقياس الدلالة؛ لأن الجامع فيه دليل العلة لا نفسها. وذكر الشنقيطي في "المذكرة" (ص/250) أمثلة فقال: (مثال الجمع بملزومها: الحاق النبيذ بالخمر في المنع بجامع الشدة المطربة لأنها ملزومة للأسكار الذي هو العلة. ومثال الجمع بأثر العلة: الحاق القتل بالمثقل بمحدد في القصاص بجامع الإثم، لأن الإثم أثر العلة التي هي القتل العمد العدوان.
ومثال الجمع بحكم العلة: الحكم بحياة شعر المرأة قياساً على سائر شعر بدنها بجامع الحلية بالنكاح والحرمة بالطلاق، وكقولهم بجواز رهن المشاع قياساً على جواز بيعه بجامع جواز البيع).
الصلاة لما تجب فيه بالنذر لم تجب بغير نذر. وقيل: بلى، وقيل: ليسا بقياس} قال ابن حمدان في ' المقنع ' وغيره: المحدود هنا هو قياس الطرد فقط. وقال القاضي عضد الدين وغيره: (القياس المحدود هو قياس العلة) انتهى. قال الآمدي في 'المنتهى' القياس في اصطلاح الأصوليين ينقسم إلى قياس العكس وحده بالحد المذكور، وإلى قياس الطرد هو: عبارة عن الاستواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل. وقال ابن مفلح: ' وقياس الدلالة لم يرد بالحد
…
).
- وبالنسبة لقياس الدلالة يمكن أن يدخل في الحد لو عبرنا بكلمة (وصف جامع) بدلا من (علة جامعة).
قال الشيخ السلمي في "أصوله"(ص/154): (أكثر الأصوليين يعبرون عن الوصف الجامع بالعلة، ثم يذكرون من شروط العلة أن تكون وصفا مناسبا، وهذا لا يستقيم على قول من يرى جواز الاستدلال بقياس الشبه وقياس الدلالة؛ لأن الوصف الجامع في هذين القياسين هو الشبه في الأول ودليل العلة في الثاني، ولا يشترط لهما ظهور المناسبة، فالوصف الجامع الذي هو ركن من أركان القياس قد يكون علة، وقد يكون دليل العلة، وقد يكون وصفا شبهيا).
أما قياس العكس فلا يدخل في حد قياس العلة لاختلاف النوعين.
قال السلمي (ص/143): (والقياس ينقسم إلى قياس طرد وقياس عكس، ولكن العلماء حين يعرفونه إنما يعرفون قياس الطرد لأنه الأصل، أما قياس العكس فقل من يراعيه عند تعريف القياس؛ إما لأنه لا يرى حجيته، وإما لقلة وروده في كلام الفقهاء، وإما لاختلاف الحقيقتين وتعذر الجمع بينهما في تعريف واحد).
قال الآمدي في "الإحكام"(3/ 204): (وإن كان قياس العكس قياسا حقيقة غير أن اسم القياس مشترك بين قياس الطرد وقياس العكس فتحديد أحدهما بخاصيته لا ينتقض بالمسمى الآخر المخالف له في خاصيته وإن كان مسمى باسمه ولهذا فإنه لو حدت العين بحد يخصها لا ينتقض بالعين الجارية المخالفة لها في حدها وإن اشتركا في الاسم والمحدود ها هنا إنما هو قياس الطرد المخالف في حقيقته لقياس العكس)(1).
(1) وإن أردت التوسع في تعريف القياس والاعتراضات الواردة عليه انظر نبراس العقول (ص/13: 46).