الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - التقليد الخاص:
قال الشيخ: (والخاص: أن يأخذ بقول معين في قضية معينة فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق بالاجتهاد).
ولا يخرج المقلد في هذه القضية الخاصة عن أن يكون: إما مجتهدا، أو مقلدا، وقد سبق بيان الراجح أن المجتهد لا يقلد، وأما المقلد فله أن يسأل مفتيا عن حادثة ويأخذ بقوله، وقد سبق ذكر ضوابط ذلك، وهذا هو المعروف في عهد السلف الصالح.
فتوى المقلد:
قال الشيخ: (قال ابن القيم: "ذلك جائز عند الحاجة وعدم العالم المجتهد" (1)، وهو أصح الأقوال وعليه العمل).
قال ابن النجار في "شرح الكوكب"(4/ 557) ما ملخصه: ("لا يفتي إلا مجتهد". عند أكثر الأصحاب، ومعناه عن أحمد، فإنه قال: وينبغي أن يكون عالما بقول من تقدم، وقال أيضا: ينبغي للمفتي أن يكون عالما بوجوه القرآن، والأسانيد الصحيحة
(1) ونص عبارته كما ذكرها في إعلام الموقعين (1/ 45) قال: (قلت هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأصحاب أحمد: أحدها - أنه لا يجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم والفتوى بغير علم حرام ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم وهذا قول أكثر الأصحاب وقول جمهور الشافعية.
والثاني أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء إذا كانت الفتوى لنفسه ولا يجوز أن يقلد العالم فيما يفتي به غيره وهذا قول بن بطة وغيره من أصحابنا قال القاضي ذكر بن بطة في مكاتباته إلى البرمكي لا يجوز له أن يفتي بما سمع من يفتي وإنما يجوز أن يقلد لنفسه فأما أن يتقلد لغيره ويفتي به فلا.
والقول الثالث أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد وهو أصح الأقوال وعليه العمل قال القاضي ذكر أبو حفص في تعاليقه قال سمعت أبا علي الحسن بن عبد الله النجاد يقول سمعت أبا الحسين بن بشران يقول ما أعيب على رجل يحفظ عن أحمد خمس مسائل استند إلى بعض سواري المسجد يفتي بها).
والسنن. وقال أيضا: لا يجوز الاختيار إلا لعالم بكتاب وسنة
…
وقال صاحب التلخيص والترغيب: يجوز للمجتهد في مذهب إمامه، لأجل الضرورة.
وقال أكثر العلماء: يجوز لغير المجتهد أن يفتي، إن كان مطلعا على المأخذ، أهلا للنظر
…
"وما يجيب به المقلد عن حكم فإخبار عن مذهب إمامه، لا فتيا" قاله أبو الخطاب وابن عقيل والموفق. "ويعمل بخبره" أي: بخبر المخبر "إن كان عدلا" لأنه ناقل كالراوي) (1).
قال في ابن القيم في "إعلام الموقعين"(4/ 196): (إذا تفقه الرجل وقرأ كتابا من كتب الفقه أو أكثر وهو مع ذلك قاصر في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف والاستنباط والترجيح فهل يسوغ تقليده في الفتوى فيه للناس أربعة أقوال: الجواز مطلقا، والمنع مطلقا، والجواز عند عدم المجتهد ولا يجوز مع وجوده، والجواز إن كان مطلعا على مأخذ من يفتي بقولهم والمنع إن لم يكن مطلعا
…
وكلام أصحاب أحمد في ذلك يخرج على وجهين فقد منع كثير منهم الفتوى والحكم بالتقليد وجوزه بعضهم لكن على وجه الحكاية لقول المجتهد كما قال أبو إسحاق بن شاقلا وقد جلس في جامع المنصور فذكر قول أحمد أن المفتي ينبغي له أن يحفظ أربعمائة ألف حديث ثم يفتي فقال له رجل أنت تحفظ هذا فقال إن لم أحفظ هذا فأنا أفتي بقول من كان يحفظه وقال أبو الحسن بن بشار من كبار أصحابنا ما ضر رجلا عنده ثلاث مسائل أو أربع من فتاوي الإمام أحمد يستند إلى هذه السارية ويقول قال أحمد بن حنبل).
والراجح أنه لا يفتي إلا مجتهد سواء أكان مستقلا أو مقيدا بمذهب، والمجتهد في باب أو مسألة لا يفتى إلا في الباب أو المسألة التي هو أهل للنظر فيها دون غيرها، وأما من دون هؤلاء وليس على صفة من صفاتهم فلا يحل له الفتوى لا لنفسه ولا لغيره، وغاية الأمر أنه إن عدم العالم المجتهد في بلدة ما، واحتيج إلى فتوى المقلد فهنا يجوز له أن ينقل أقوال العلماء، فيقول قال أحمد، قل الشافعي، وهكذا ويكون
(1) انظر: المسودة (ص/485)، أصول ابن مفلح (4/ 1555)، التحبير (8/ 4070)، المختصر لابن اللحام (ص/167)، المدخل (ص/392)، البحر المحيط (4/ 586)، آداب المفتي والمستفتي (ص/101)، آداب الفتوى للنووي (ص/33)، إرشاد الفحول (2/ 247).
قبول قوله من باب الخبر لا الإفتاء، ولابد أن يكون عالما بما ينقل من أحكام بصيرا بمواردها وشمولها لمحل النزاع، وهذه حالة ضرورة على خلاف الأصل.
قال ابن حمدان في "صفة الفتوى"(ص/24) بعد أن ذكر نحوا مما سبق ذكره من أقسام المجتهدين: (فمن أفتى وليس على صفة من الصفات المذكورة من غير ضرورة فهو عاص آثم (1)؛ لأنه لا يعرف الصواب وضده فهو كالأعمى الذي لا يقلد البصير فيما يعتبر له البصر؛ لأنه بفقد البصر لا يعرف الصواب وضده (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [المطففين: 4، 5] قال ابن الجوزي: يلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية، ومن تصدى للفتيا ظانا أنه من أهلها فليتهم نفسه وليتق ربه فإن الماهر في علم الأصول، أو الخلاف، أو العربية دون الفقه يحرم عليه الفتيا لنفسه ولغيره؛ لأنه لا يستقل بمعرفة حكم الواقعة من أصول الاجتهاد لقصور آلته ولا من مذهب إمام لعدم حفظه وإطلاعه عليه على الوجه المعتبر فلا يحتج بقوله في ذلك وينعقد الإجماع دونه على أصح المذهبين
…
وقيل يجوز لمن حفظ مذهب ذي مذهب ونصوصه أن يفتي به عن ربه وإن لم يكن عارفا بغوامضه وحقائقه وقيل لا يجوز أن يفتي بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرا فيه عالما بغوامضه وحقائقه كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوي المفتين أن يفتي بها. وإذا كان متبحرا فيه جاز أن يفتي به والمراد بقول من منع الفتوى به أنه لا يذكره على صورة ما يقوله من عند نفسه بل يضيفه إلى غيره ويحكيه عن إمامة الذي قلده لصحة تقليد الميت، فعلى هذا من عددناه من أصناف المفتين من المقلدين ليس على الحقيقة من
(1) قال النووي في " شرح مسلم"(12/ 13): (قوله صلى الله عليه وسلم (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) قال العلماء أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم فإن أصاب فله أجران أجر باجتهاده وأجر بإصابته وإن أخطأ فله أجر باجتهاده وفي الحديث محذوف تقديره إذا أراد الحاكم فاجتهد قالوا فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه سواء وافق الحق أم لا؛ لأن إصابته اتفاقه ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه سواء وافق الصواب أم لا وهي مردودة كلها ولا يعذر في شيء من ذلك وقد جاء في الحديث في السنن القضاة ثلاثة قاض في الجنة واثنان في النار قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة وقاض عرف الحق فقضى بخلافه فهو في النار وقاض قضى على جهل فهو في النار).
المفتين ولكن قاموا مقامهم وأدوا عنهم فعدوا معهم وسبيلهم في ذلك أن يقولوا مثلا مذهب أحمد كذا وكذا ومقتضى مذهبه كذا وكذا أو نحو ذلك ومن ترك منهم إضافة ذلك إلى إمامة إن كان ذلك منه اكتفاء بالمعلوم من الحال عن التصريح بالمقال جاز
…
).
وكتبه حامدا ومصليا
…
أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي
وكان الفراغ من تبييضه يوم الاثنين 9 من شهر رجب لعام 1431هـ الموافق 21 من شهر يونيه لعام 2010م
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل مني هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وألا يجعل لأحد فيه شيئا، وأن يدخر لي أجره يوم ألقاه.
وأرجو من الله أن يكتب له القبول وأن ينفع به المسلمين، أنه ولي ذلك وهو القادر عليه.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.