الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات وفوائد:
وقفات مع تعريف الشيخ:
1 -
من نظر في تعريف الشيخ يجد أنه ما سار على طريقة الأصوليين في تعريف الحكم الوضعي فكان الأولى أن يقول: (خطاب الله
…
).
2 -
من دقق في التعريف المذكور يجد أنه غامض حيث لم يتبين من عبارة الشيخ أن هذه الأحكام الموضوعة من الشارع كعلامات لثبوت أو انتفاء أو نفوذ أو إلغاء ماذا؟! فمثلا إن قلنا أن هذه الأحكام الوضعية هي (ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت) وسكتُ ثم قلتَ لي: لثبوت ماذا؟ لكان سؤالك متجها، وجوابه لثبوت الحكم، وعليه فالأولى إضافته للتعريف فيقال:(ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت الحكم الشرعي، أو انتفاءه، أو نفوذه، أو إلغاءه).
3 -
ذكر الشيخ كلمة (ما وضع) في تعريفه للحكم الوضعي مما يلزم منه الدَّوْر.
4 -
وقد يتعقب البعض هذا التعريف بأنه معيب على كلام المناطقة إذ أنه يحتوي على أو التشكيكية.
قال الأخضري في شرحه على السلم وهو يتكلم على شروط المعرفات: (ولا يجوز أيضاً دخول "أو" في الحقيقي).
أي لا تدخل في الحد الحقيقي المحتوي على الفصل والجنس، وأما في الرسمي فجائز، مثالَه تقَوْل مَا الَإنسان؟ بالْحَدّ تقَوْل: حَيَوَان ناطق مَن غَيْر (أو) التشكيكية. وبالرسم تقَوْل: حَيَوَان ضاحك أو قابَل للتعلَم أو الْكِتَابَة أو
…
الخ فهذا تعريف بالخاص (رسمي) وليس بالجنس والفصل (حقيقي).
ويجاب بأن أو هنا للتنويع، وليس للتشكيك.
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة "(1/ 253) عند تعريفه الحكم بقوله: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير: (ويورد المتعنتون على مثل قولنا: أو التخيير، أن «أو» للشك والترديد، والمراد من الحدود الكشف والتحقيق، وهما متنافيان.
وأجيب عنه، بأن «أو» لها معان منها التنويع، نحو: الإنسان إما ذكر، أو أنثى، والعدد: إما زوج، أو فرد، أي: هو متنوع إلى هذين النوعين، وهذا المعنى هو المراد
هنا، أي: الحكم له نوعان: اقتضاء وتخيير، والتنويع، هو نفس الكشف والتحقيق، لا مناف له.
وأجاب بعض الفضلاء عن مثل هذا، أنه حكم بالترديد، لا ترديد في الحكم، والشك، هو الثاني دون الأول، لأنه جزم لا شك.
فإن قيل: إذا كان لـ «أو» معان، فهي مشتركة، والمشتركات لا تصلح في الحدود لإجمالها.
قلنا: لا يلزم من الاشتراك الإجمال، لجواز تعيين المراد بقرينة أو غيرها، فيزول الإجمال، فيجوز).
5 -
الأولى في صياغة تعريف الشيخ أن نقول: (خطاب الله الدال على ثبوت الحكم، أو انتفاءه، أو نفوذه، أو إلغاءه)، وهذا التعريف غير جامع فلم تدخل فيه بعض أنواع الحكم الوضعي الأخرى: كالرخصة، والعزيمة، والقضاء، والآداء، والإعادة، وإن كان في بعضها خلاف في عدِّه من الخطاب الوضعي، وقد يجاب عن ذلك بأنه اقتصر على الأسباب والشروط والموانع لكونها كليات الحكم الوضعي المتفق عليها، وقد ذكر معها الصحة والفساد مع أنهما مختلف في كونها من الأحكام العقلية، أم التكليفية، أم الوضعية، فكان الأولى التنصيص على باقي الأفراد.
والتعريف المشهور عند الحنابلة هو: (ما استفيد من نصب الشارع علَما معرفا
لحكمه) (1) وللعلَم المنصوب أصناف منها: العلة، والسبب، والشرط وعكسه المانع، والصحة والفساد، ونحو ذلك مما يدخل في الخطاب الوضعي.
وهذا التعريف كتعريف الشيخ يسير على طريقة الفقهاء فقد عرف الحكم الوضعي بأنه الأثر المستفاد من خطاب الشرع، والأولى في تعريفه على طريقة الأصوليين أن نقول:(خطاب الله المتعلق بما نصب عَلَمًا معرفًا لحكمه).
(1) انظر: مختصر الطرفي (ص/30)، المختصر (ص/65)، التحبير (3/ 1047)، شرح الكوكب (1/ 434)، المدخل (ص/158).