الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: «منع وجود المدعى علة» أي: منع وجود الوصف الذي ادعى المستدل أنه العلة في الأصل.
الثالث: منع كونه علة في الأصل.
الرابع: منع وجوده في الفرع، فكأنه قال: المنع، وهو ينقسم إلى منع حكم الأصل، ومنع وجود العلة فيه، ومنع علية الوصف، ومنع وجوده في الفرع.
ومثال ذلك فيما إذا قلنا: النبيذ مسكر، فكان حراما قياسا على الخمر، فقال المعترض: لا نسلم تحريم الخمر، إما جهلا بالحكم، أو عنادا، فهذا منع حكم الأصل. ولو قال: لا أسلم وجود الإسكار في الخمر؛ لكان هذا منع وجود المدعى علة في الأصل. ولو قال: لا أسلم أن الإسكار علة التحريم، لكان هذا منع علية الوصف في الأصل، ولو قال: لا أسلم وجود الإسكار في النبيذ؛ لكان هذا منع وجود العلة في الفرع، ففي الأصل ثلاثة منوع، وفي الفرع منع واحد) (1).
أقسام القياس
القياس الجلي:
قال الشيخ: (فالجلي: ما ثبتت علته بنص أو إجماع أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، والخفي: ما ثبتت علته باستنباط ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع)(2).
قال في "الأصل"(ص/72): (مثال ما ثبتت علته بالنص: قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس الجاف على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلّى الله عليه
(1) انظر: روضة الناظر (ص/340)، مختصر البعلي (ص/153)، التحبير (7/ 3566)، شرح الكوكب المنير (4/ 246)، المدخل (ص/348).
(2)
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة"(3/ 223 (: (اعلم أن للقياس أقساما باعتبارات: أحدها: إما جلي: وهو ما كانت العلة الجامعة فيه بين الأصل والفرع منصوصة، أو مجمعا عليها، أو ما قطع فيه بنفي الفارق، كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم النصيب. وإما خفي: وهو ما كانت العلة فيه مستنبطة).
وسلّم بحجرين وروثة؛ ليستنجي بهن، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال:"هذا ركس" والركس النجس.
ومثال ما ثبتت علته بالإجماع: نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي القاضي وهو غضبان، فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان منه من القياس الجلي، لثبوت علة الأصل بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب.
ومثال ما كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع: قياس تحريم إتلاف مال اليتيم باللبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما.
والخفي: ما ثبتت علته باستنباط، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
مثاله: قياس الأشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل، فإن التعليل بالكيل لم يثبت بنص ولا إجماع، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، إذ من الجائز أن يفرق بينهما بأن البر مطعوم بخلاف الأشنان).
ذكر الشيخ هنا تقسيم القياس من حيث قوته وضعفه إلى: جلي وخفي، وقسمه ابن عقيل وغيره إلى: جلي وخفي وواضح، وقسمه القاضي وغيره إلى: واضح وخفي (1).
قال المرداوي في "التحبير"(7/ 3457): (القياس له اعتبارات، فتارة يكون باعتبار قوته وضعفه، وتارة باعتبار علته، وكل منهما له أقسام. فالقياس ينقسم باعتبار قوته وضعفه إلى: جلي وخفي. فالجلي: ما قطع فيه بنفي الفارق كقياس الأمة على العبد في السراية وغيرها، في العتق وغيره في قوله: ' من أعتق شركا له في عبد، وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل
…
الحديث '.، فإنا نقطع بعدم اعتبار الشارع الذكورة والأنوثة فيه. ومثل قوله: ' أيما رجل أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه '، نقطع أن المرأة في معناه. ومثله قياس الصبية على الصبي في حديث: ' مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم على تركها لعشر '، فإنا نقطع - أيضا - بعدم اعتبار الشرع الذكورة والأنوثة، ونقطع بأن لا فارق بينهما في الموضعين. وأما الخفي: فهو خلاف الجلي، وهو ما كان احتمال تأثير الفارق فيه
(1) انظر: الواضح لابن عقيل (2/ 54)، والجدل له أيضا (ص/11)، العدة (4/ 1325)، شرح مختصر الروضة (3/ 223)، التحبير (7/ 3457)، شرح الكوكب المنير (4/ 207)، المختصر لابن اللحام (ص/150).