الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثلة من اجتهاد الخلفاء رضي الله عنهم
اجتهاد أبي بكر
…
أمثلة من اجتهاد الخلفاء رضي الله عنهم:
اجتهاج أبي بكر:
ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قام عمر واستلَّ سيفه وقال: مَنْ قال إن محمدًا قد مات ضربت عنقه، فجاء أبو بكر وخطب قائلًا: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، واستدلّ بالقرآن:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} فزال الخلاف1.
تحيروا فيمن يتولّى أمر المسلمين بعده، حيث لم يوص لأحد بعينه نصًّا، فذهبوا لسقيفة بن ساعدة، فقال الأنصار: منا أمير ومن قريش أمير، فخطب أبو بكر وقال: إنا لا ننكر فضلكم ونصرتكم، ولكن الله قدمنا عليكم، فقال: للمهاجرين والأنصار، وقام عمر وأبو عبيدة واستدلَا على أحقية أبي بكر بالخلافة كتابًا وسنة بما هو معلوم، وبالقياس أيضًا، قالَا: رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا، قاسا إمامة الدنيا على إمامة الدين، وبايعاه فبايعه الناس وزال الخلاف2.
قالوا: أين ندفن رسول الله، فقال أبو بكر في المحل الذي قُبِضَ فيه، واستدلّ على ذلك بالسنة، فأذعنوا وزال الخلاف3.
1 البخاري في فضائل الصديق "5/ 8".
2 نفس المصدر.
3 الترمذي في الجنائز "3/ 329"، عن عائشة، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي بكر الميكي، قال الترمذي: يضعف من قبل حفظه، وقال: وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه ابن عباس عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا.
قلت: رواه ابن ماجه في الجنائز "1/ 520"، وفي سنده الحسين بن عبد الله الهاشمي، ضعَّفه ابن معين، وأبو حاتم وقال النسائي: متروك.
قالوا: كيف نصلي عليه، قال: تدخل كل طائفة وتصلي وتخرج، فأذعنوا وزال الخلاف1.
طلبت مولاتنا فاطمة ميراثها من أبيها، والعباس ميراث ما بقي، فروى أبو بكر وغيره حديث:"نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة" وحكم بأنه مخصَّص لآية الميراث فزال الخلاف2.
منع فريق من العرب الزكاة فأراد أبو بكر قتالهم، وخالفه عمر، فاستدلّ أبو بكر بقياسهم على من امتنع من الصلاة، فزال الخلاف وقاتلهم وجمع الكلمة3.
قال عمر: نجمع القرآن فخالفه أبو بكر، وقال: شيء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع لقول عمر لما فيه من المصلحة، ولأن النبي -صلى الله عليه ومسلم- كان يكتب كتابه كل ما ينزل، فغاية ما في جمعه حفظه، فأذعن وزال الخلاف4.
نزلت بأبي بكر نازلة الجدة التي جاءت تسأل ميراثها، فقال لها: لا أجد لك في كتاب الله شيئًا، ولكن سأسأل الناس، فخرج وسأل الصحابة: أيكم سمع من رسول الله شيئًا في الجدة؟ فقال المغيرة بن شعبة: نعم، أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس، فقال له: أيعلم ذلك غيرك؟ فقال محمد بن مسلمة: صدق، فأعطاها السدس5.
ومن اجتهاده السديد لما حضرته الوفاة أوصى بالخلافة لعمر، وذلك أنه رأى أنه صاحب الحل والعقد، فله أن يولي من ظهرت له أهليته، ذلك على توليته أهل الحل والعقد له نفسه، أو قاسه على رعاية الماشية وحفظ الأمانة، فقد روى
1 ابن ماجه في الجنائز "1/ 520"، وفي سند الحسين بن عبد الله المذكور آنفًا.
2 متفق عليه: البخاري في الخمس "4/ 96"، وفي الفرائض "8/ 185"، ومسلم في الجهاد "5/ 155" وفي الحديث أن فاطمة رضي الله عنها هجرت أبا بكر رضي الله عنه حتى ماتت بسبب هذه المسألة، فقول المؤلف أن الخلاف زال، غير محقق.
3 متفق عليه: البخاري في الزكاة "2/ 131"، ومسلم في الإيمان "1/ 38".
4 البخاري في فضائل القرآن "6/ 225".
5 الترمذي "4/ 419"، وأبو داود "3/ 121"، وابن ماجه "2/ 909".