الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسعود كان من أقربهم وسيلة إلى الله يوم القيامة، وحلف بالله ما أعلم أحدًا أشبه دلًا وهديًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه من ابن مسعود، وسئل عنه علي فقال: قد قرأ القرآن وعلم السنة، وكفى بذلك، وكتب عمر إلى أهل الكوفة: إني قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بدر، فاقتدوا بهما واستمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي، وقال فيه أبو الدرداء بعد موته: ما ترك بعده مثله.
وقال عبد الله بن بريدة: إنه المراد بقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} 1 الآية. ومزاياه كثيرة، وقد انتشر العلم والدين عن أصحاب أربعة من أعلام الصحابة: ابن مسعود وأصحابه وهم أهل العراق، وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأصحابهما وهم أهل المدينة، وابن عباس وأصحابه أهل مكة. توفي ابن مسعود بالمدينة سنة "32" اثنتين وثلاثين2.
1 سبأ: 6.
2 عبد الله بن مسعود الهذلي: أسد الغابة "3/ 384".
ترجمة زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي النجاري:
أبو سعيد أو أبو ثابت. قال ابن عبد البر: أول مشاهده أحد فما بعدها، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم راية بني النجار في غزوة تبوك نزعها من عمارة بن حزم، فقال: هل بلغلك عني شيء؟ فقال: "لا ولكن القرآن مقدَّم"، كان كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وغيره، ثم استكتبه أبو بكر، فعمر، وهو الذي باشر جمع المصحف الشريف أيام أبي بكر، وقال له: إنك شاب ثقف1 لا نتهمك، وكفى بهذا تعديلًا، وكيف لا وقد ائمتنه النبي صلى الله عليه وسلم على الوحي2.
ثم هو الذي تولَّى نسخ المصاحف زمن عثمان أيضًا، ومعه معينون
1 قال المؤلف رحمه الله: ثقف -أوله مثلثة والقاف مكسورة ومسكنة- أي: حاذق.
2 لفظ البخاري: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله.... الحديث "6/ 235".
مذكرون في الصحاح، واتفق عثمان ومن كان معه على حمل الناس على القراءة بحرف زيد بن ثابت، وترك غيره من بقية الأحرف السبعة، فحرفه هو الذي يقرأ العالم الإسلامي به الآن1، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم العبرانية والكتابة بها، فتعلّم كتابتها في نصف شهر، وكذلك السريانية فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم بهما المكاتب للآفاق، ويترجم ما يرد بهما2، وهو الذي قال فيه عليه السلام:"أفرضكم زيد" رواه أحمد بإسناد صحيح3. أي: أعلمكم بالفرائض.
وروى ابن سعيد من طريق قبيصة قال: كان زيد رأسًا بالمدينة في القضاء والقراء والفرائض.
وروى البغوي بإسناد صحيح عن ابن خارجة: كان عمر يستخلف زيد بن ثابت إذا سافر، فقلما رجع إلّا أقطعه حديقة من نخل.
وكان عثمان يستخلفه أيضًا، كما استعمله أمينًا لبيت المال، وعن طريق ابن عباس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم، وهو أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم.
1 هذا ادّعاء عجيب لا أدري من أين أتى به المصنف، مع أن ما في صحيح البخاري يرده، ففي حديث جمع المصحف يقول زيد: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فتلمَّسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ......} "6/ 236"، فهو من كونه يحفظ هذه الآية إلا أنه لم يكتف بذلك حتى يجدها عند غيره مكتوبة زيادة في التوثيق، فلم يكن لعثمان أن يحمل الصحابة والأمة بعدهم على رواية واحدة للقرآن وإن كنت حرف زيد، بل كان هدفه من مشروع الجمع، إثبات كل الأحرف السبعة المنزلة التي استقر الأمر عليها في العرضة الأخيرة، وتوثيقها بنص مكتوب يرجع إليه عند الاختلاف لاستبعاد ما ليس منها. وقد تقدَّمَ التعليق عليه، ولو ثبت ما ادَّعاه المصنف اعتراض ابن مسعود الذي ذكره آنفًا على عثمان رضي الله عنه، مع أن الصحابة لم يوافقوه على اعتراضه، ورجع رضي الله عنه بعد أن تيقّن من سلامة المشروع العثماني ودقته، وتيقّن من أن زيد بن ثابت لم ينفرد بمهمته، بل كانت بإجماع من المهاجرين والأنصار ممن حضر منهم المشروع. "عبد العزيز القارئ".
2 الإصابة "2/ 593".
3 أحمد "3/ 281"، وسبق تخريجه.
4 أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المزربان النبوي، ت سنة 310، تذكرة الحفاظ "2/ 247".