الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن العظيم
مدخل
…
القرآن العظيم:
هو اللفظ المنَزَّل على النبي صلى الله عليه وسلم، المنقول إلينا بين دفتي المصحف تواترًا.
واعلم أن القرآن العظيم هو المادة الأولى للفقه كما سبق، وذلك أنه الحجة العظمى بيننا وبين ربنا، وهو الحبل المتين الذي لا نجاة إلّا ما دمنا متمسكين به، وهو العروة الوثقى التي لا انفصام لها:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} 1.
"تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي"2.
{لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} 3.
وقال تعالى: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} 4.
وفي جامع المعيار عن الإمام المازري: القرآن قاعدة الإسلام، وقطب الأحكام، ومفزع أهل الملة ووزرهم وآية رسولهم، ودليل صدق دينهم.
وإن حجيته ووجوب العمل به هو المعلوم لدينا بالضرورة ولا يحتاج لإقامة برهان، وذلك هو معنى التمسك بالدين.
وآياته تنيف على ستة آلاف آية جلها متعلق بالتوحيد والأدلة عليه، ورد عقائد الزيغ والإلحاد، وإثبات النبوات والمعاد ووصف أهواله والنعيم والجحيم، والوعد والوعيد، وأخبار الأمم الماضية، والوعظ والتذكير، والثناء على الله وذكر آلائه، وبيان صفاته العلى وأسمائه الحسنى، وكيفية تسبيحه وتقديسه وغير ذلك.
1 آل عمران: 103.
2 مالك في الموطأ -من بلاغاته- في القدر، والحاكم في مستدركه.
3 الأنبياء: 10.
4 الأعراف: 157.
والمتعلق من آياته بالأحكام الفقهية المقلل من العلماء كابن القيم يقول: مائة وخمسون آية كذا في أعلام الموقعين.
وقال بعض بعض العلماء: إنها نحو خمسمائة، وذلك نحو جزء من اثني عشر منه، أي: نصف السدس تقريبًا، والحق أنها تنيف على هذا العدد.
قال ابن العربي في الأحكام عن بعض أشياخه: إن سورة البقرة وحدها مشتملة على ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر، ولعظيم فقهها أقام ابن عمر في تعلمها ثمان سنين1.
وقد أخذ ابن العربي فيها الأحكام الفقهية من تسعين آية، بل فاتحة الكتاب التي سبع آيات أخذ الأحكام من خمس آيات منها، وجملة آيات القرآن التي أخذ هو منها الأحكام ثمانمائة وأربع وستون "864" آية مفرقة في مائة وخمس سورة "105"، ولكن معظمها في نيف وثلاثين سورة المبدوء بها المصحف الكريم، وعلى الأخص في السور المدنية التي تقدم لنا عدها، وقد استدركنا عليه نحن وغيرنا آيات أخر استنبطت منها أحكام أخر، والقرآن لا تنقضي عجائبه، ولا تنحصر أحكامه، ولا تزال كل يوم تظهر منه لطائف وأسرار ما دام المفكرون في الوجود، وما من جيل، بل ما من أحد يتدبره إلا ويظن أنه المخاطب به، عليه تتنزّل أحكامه وإشاراته؛ لأنه قول رب حكيم أحكم الحاكمين سبحانه.
قال سيدنا علي -كرم الله وجهه: ما ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، أو فهم أوتيه رجل مسلم.
وقال عليه السلام: "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"2.
وإذا راجعت أبواب الفقه فقلَّمَا تجد بابًا إلّا وأصلها مقتبس من القرآن العظيم صراحة أو إيماءً، قال في المعيار عن الشيخ أبي مدين: إن للقرآن نزولًا وتنزيلًا، أما النزول فقد تَمَّ بموته عليه السلام، وأما التنزيل على الوقائع واستنباط الأحكام، فلم يزل إلى آخر الدهر3.
1 أحكام القرآن "القسم الأول/ 8".
2 أبو داود في العلم "ج3/ 322".
والترمذي في العلم "ج5/ 28 ط. الحلبي، وابن ماجه في المقدمة "ج1/ 84، 85، 86"، وفي المناسك "ج2/ 1015".
3 انظر التعليق الذي تقدم.