الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشاهير أهل الفتوى في هذا العصر من التابعين
ترجمة سعيد بن المسيب
…
مشاهير أهل الفتوى في هذه العصر من التابعين:
ترجمة سعيد بن المسيب:
فمنهم:
سعيد بن المسيب بن حزن 1:
المخزومي القرشي المدني، رأس علماء التابعين وفردهم وفاضلهم وفقيههم وسندهم، ومن الطراز الأول، جمع الحديث إلى الفقه، والزهد والعبادة والورع، سمع من عمر وهو راويته وحامل علمه، كما في أعلام الموقعين، وحديثه عنه في السنن الأربعة، وروى عن علي، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وغيرهما من أعلام الصحابة، دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منهن، وكان زوج بنت أبي هريرة، وحافظ المسند من حديثه، قال عراك1: أفقه أهل المدينة وأعلمهم بقضايا أبي بكر وعمر وعثمان، وأعلمهم بما مضى عليه الناس، وبقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال عليه عبد الله بن عمر: إنه أحد المفتين أو المقْتَدَى بهم، وقال فيه: لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم لسُرَّ به، وربما جاءه من يستفتي فبعثه إليه، وقال فيه ابن المديني2: لا أعلم أحدًا في التابعين أوسع من سعيد علمًا، هو عندي أجلّ التابعين. وكانت الفتوى إذا جاءت المدينة لا يزل عالم يردها لآخر إلى أن تصل إليه فيفتي.
وكان يقال له الجرئ لجرأته على الفتوى بسعة علمه وحفظه، وكان لا يقبل جوائز السلطان، دعي إلى نيف وثلاثين ألفًا ليأخذها فقال: لا حاجة لي فيها ولا في
1 قال المؤلف رحمه الله: المسيب -بفتح الياء، فيما اشتهر، وكان سعيد يقول: سيب الله من سيب أبي، وحزن -بفتح الحاء المهملة وسكون لزاي. ابن خلكان.
1 ابن مالك الغفاري.
2 علي بن عبد الله.
بني مروان، وخطب ابنته عبد الملك ابن مروان ليزوجها لولده الوليد فأبى، وزوجها لأبي وداعة على درهمين أو ثلاثة دراهم، وألزمه عبد الملك أن يبايع لولي عهده الوليد ثم سليمان فأبى، وقال: نهى صلى الله عليه وسلم عن بيعتين، فأمر به فضرب بعد ما جُرِّدَ من ثيابه التي كانت من شعر، وصُبَّ عليه الماء في يوم بارد، وطيف به في أسواق المدينة، وعرض على السيف وهو على إبائه صابر محتسب.
قال الجاحظ في رسالته في التجارة: هل كان في التابعين أعلم من سعيد بن المسيب أو أنبل، وقد كان تاجرًا يبيع ويشتري، وهو الذي يقول: ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قضاءًا إلّا وقد علمته.
وكان أعبر الناس للرؤيا، وأعلمهم بأنساب قريش، وكان يفتي والصحابة متوافرون، ولمَّ بعد علم بأخبار الجاهلية والإسلام، مع خشوعه وشدة اجتهاده وعبادته، وأمره بالمعروف، وجلالته في أعين الخلفاء، وتقدمه على الجبارين، حج أربعين حجة، وما تخلف عن الصف الأول خمسين سنة، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص، صار الفقه في جميع أقطار الأرض إلى الموالي، فكان فقيه مكة عطاء بن أبي رباح، واليمن طاوس، واليمامة يحيى بن أبي كثير، والكوفة إبراهيم النخعي، والبصرة الحسن، والشام مكحول، وخرسان عطاء الخراساني، إلّا المدينة فإن الله خصَّها بقرشي سعيد بن المسيب غير مدافع. نقله في أعلام الموقعين. وكان الحسن البصري إذا أشكل عليه شيء كتب إليه يسأله، وهو جذيل المدنيين المحكك وعذيقهم المرجَّب، أصل أصولهم ومهد فروعهم، ومذهبه أصل مذهب مالك في المدينة، كما أن إبراهيم النخعي أصل مذهب الحنفية بالعراق، وتوفي سنة "93" ثلاث وتسعين، وهو أحد الفقهاء السبعة الذين نشروا الفقه والفتوى والعلم والحديث، واشتهروا في زمنهم بالحديث والفقه والورع من علماء المدينة المجموعين في قوله بعضهم:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم
…
سعيد أبو بكر سليمان خارجه1
1 سعيد بن المسيب بن حزن: طبقات ابن سعد "5/ 88"، وحلية الأولياء "2/ 161"، وتهذيب التهذيب "4/ 84".